البرهان ومحمد كاكا في مكة ..تحركات دبلوماسية ومواقف إقليمية متغيرة في المشهد السوداني
متابعات-الحرية نيوز-

متابعات-الحرية نيوز-يتواجد الرئيس التشادي، محمد إدريس ديبي “كاكا”، في مكة المكرمة تزامنًا مع زيارة رئيس مجلس السيادة السوداني الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان، ولقائه مع ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان.
لا يُستبعد أن تكون القيادة السعودية قد نجحت في ترتيب لقاء بين البرهان وكاكا، خاصة في ظل المتغيرات الجيوسياسية في المنطقة. كما أن أي تحول في موقف تشاد، عبر انتقال تحالفاتها من أبوظبي إلى الرياض، قد يكون متوقعًا بالنظر إلى المصالح التي قد يخسرها كاكا إذا استمرت علاقته بالدعم السريع. فمع احتمال استعادة السيطرة على إقليم دارفور من قبل الجيش السوداني، ستصبح تشاد في موقف حساس، وقد يؤدي استمرار دعمها للمليشيا إلى تهديد استقرارها الداخلي، وربما حتى مستقبل قيادتها.
على الصعيد الإقليمي، تشهد المنطقة تنافسًا متصاعدًا بين القوى المؤثرة، حيث تسعى المملكة العربية السعودية لتعزيز نفوذها السياسي عبر نجاحاتها الدبلوماسية المتتالية، مثل دورها كوسيط في المفاوضات بين روسيا وأمريكا وأوكرانيا، واستضافتها لأول زيارة خارجية للرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، بالإضافة إلى علاقاتها الاقتصادية والتجارية المتطورة مع القوى الكبرى، كالصين وروسيا والولايات المتحدة.
بالمقابل، يبدو أن أبوظبي تواجه تحديات متزايدة في عدة ملفات إقليمية، حيث تعرض نفوذها لنكسات في السودان وسوريا، بينما لا تزال تدخلاتها في ليبيا، الصومال، جنوب السودان وإثيوبيا موضع مراقبة دولية. من أبرز نقاط التوتر الجيوسياسي الراهنة الصراع حول مستقبل غزة، حيث تتباين المواقف بين الأطراف الإقليمية، فبينما تتبنى بعض الدول موقفًا رافضًا للتهجير والإبادة، تتماهى أبوظبي مع توجهات تل أبيب في هذا الملف.
في سياق متصل، كشفت مجلة Jeune Afrique الفرنسية أن العلاقات بين تشاد وأبوظبي بدأت تشهد تراجعًا، على الرغم من استمرار السماح للإمارات بإرسال إمدادات عسكرية إلى مليشيا الدعم السريع عبر مطار إنجمينا بدلاً من أمجرس. وفي ظل هذا التطور، أفادت التقارير بوجود محادثات بين أبوظبي وجمهورية أفريقيا الوسطى لفتح مسارات لوجستية جديدة لدعم المليشيا، عبر مطاري بانغي وبيراو، الواقع في شرق أفريقيا الوسطى قرب الحدود السودانية. ومن المرجح أن هذا التوجه توّج بمكالمة رسمية بين الرئيس الإماراتي محمد بن زايد ورئيس جمهورية أفريقيا الوسطى فوستين أرشانج تواديرا.
وفي ضوء هذه التطورات، يبدو أن المعادلة الإقليمية تشهد إعادة تموضع مستمرة، حيث تخضع التحالفات والمصالح لتوازنات متغيرة. وإذا ما أعادت أبوظبي تقييم مصالحها وتخلت عن دعم المليشيا الإرهابية، فحينها قد يكون من الممكن الدخول في حوار مباشر معها لتطبيع العلاقات، على أساس اعترافها بدورها في الصراع، والتزامها القانوني بدفع تعويضات مالية ضخمة للسودان، وهو مسار قانوني بدأ بالفعل في محكمة العدل الدولية.