المنوعات والثقافةاخبار

بين مائدة الشمس و مائدة الأحد..من تاريخ مملكة مروي

متابعات-الحرية نيوز

من تاريخ ممالكنا القديمة
د. سلوى عبد المجيد أحمد المشلي
سيتناول المنشور مائدتين لإطعام الناس واحدة كانت تقدم في مملكة مروي تسمى (مائدة الشمس) و الأخرى انزلها الله على سيدنا عيسى عليه السلام.
تعرف المائدة بانها الخوان (السفرة التي عليها قوائم) الذي يوضع عليه الطعام والشراب.
المائدة الأولى :
من تاريخنا المروي ، و مملكة مروي أو مرواة باللغة العربية، وميدوي او بيدوي باللغة المروية و الإغريقية، وعاصمتها مدينة مروي و هي مدينة أثرية في شمال السودان تقع في الضفة الشرقية على نهر النيل وتبعد 200 كم عن الخرطوم، و قد اطلق الكوشيون هذا الإسم لكل الجزيرة او شبه الجزيرة التي تقع بين نهر عطبرة شمالا و النيل الأزرق جنوبا و نهر النيل شرقا، و يطلق على هذه المنطقة جغرافيا سهل البطانة.
تقع مروي على الحافة الشرقية للاقليم وفيها موقعين عامين هما النقعة والمصورات الصفراء ، وابرز ما يميزها وجود أكثر من 200 هرم وهي مختلفة الاحجام وتحطم الكثير منها بسبب العوامل البيئية، و لقد اختيرت مروي في عام 2011م ضمن قائمة منظمة اليونسكو للتراث العالمي. (موقع اليونسكو)
و هي:
مائدة الشمس:
كتب دورسيلا هيوستن في كتاب:” النوبيون العظماء” أن الصفة التانية للنوبيين بعد التدين الكرم، إذ وصفهم المؤرخ هيرودوتس بأنهم رجال عاقلون ترجع أخلاقهم للعصر الذهبي حيث يقوم الإله جوبيتر بحضور ولائمهم ومآدبهم و يتقبل قرابينهم”.
كما وصف مائدة الشمس التي تقام في معبد الأله آمون في مروي قائلاً :” توجد حديقة و ميدان كبير في الضواحي مزودة بموائد بمختلف أنواع اللحوم و الأسماك و تقوم أثناء الليل و طول النهار لكل من يريد أن يتناول طعام .”(عطا : 2017)
وقد ذكرت المائدة الأخرى التي اسميتها مائدة الأحد كما سيأتي في سياق الشرح و هي المائدة التي نزلت على بني إسرائيل في القرآن الكريم في سورة المائدة :
مائدة الأحد:
الأحد في اللغة العربية واحد اي اول ايام الاسبوع قبل الإسلام.
و الاحد في اللغة الاتينية يعني الشمس اي هي مائدة الشمس، و في بعض قراءاتي وان فقدت المصدر أن المائدة التى نزلت من السمآء استجابة لدعاء المسيح عليه السلام في يوم الأحد وهو يوم يحتفل فيه المسيحين بالقيام بالصلوات في الكنائس و يوم عطلة، و يتناولون فيه الطعام مع أسرهم وقد ربطت عيدهم كل أحد بقول عيسى عليه السلام عندما دعا ربه الله تعالي:” قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ اللَّهُمَّ رَبَّنَا أُنزِلَ عَلَيْنَا مَا بِدَةً مِّنَ السَّمَاءِ تَكُونُ لَنَا عِيدًا لِأَوَّلِنَا وَءَاخِرِنَا وَءَايَةً مِنكَ وَارْزُقْنَا وَأَنتَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ”.(سورة المائدة: الآية ١١٤)
قصة المائدة؛
عندما دعى المسيح عليه السلام لدينه آمن القليل فسألهم من أنصاري، وفي ذلك يقول الله تعالى:”يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُونوا أَنصَارَ اللَّهِ كَمَا قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ لِلْحَوَارِيِّينَ مَنْ أَنصَارِي إِلَى اللَّهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنصَارُ اللَّهِ “.(الصف:١٤)
وقد اورد بن كثير خبر المائدة في كتابه: “البداية والنهاية”، فقد ذكر قول الله تعالى: “إِذْ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ أَنْ يُنَزِّلَ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِنَ السَّمَاءِ قَالَ اتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ۝ قَالُوا نُرِيدُ أَنْ نَأْكُلَ مِنْهَا وَتَطْمَئِنَّ قُلُوبُنَا وَنَعْلَمَ أَنْ قَدْ صَدَقْتَنَا وَنَكُونَ عَلَيْهَا مِنَ الشَّاهِدِينَ ۝ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ اللَّهُمَّ رَبَّنَا أَنْزِلْ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِنَ السَّمَاءِ تَكُونُ لَنَا عِيدًا لِأَوَّلِنَا وَآخِرِنَا وَآيَةً مِنْكَ وَارْزُقْنَا وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ ۝ قَالَ اللَّهُ إِنِّي مُنَزِّلُهَا عَلَيْكُمْ فَمَنْ يَكْفُرْ بَعْدُ مِنْكُمْ فَإِنِّي أُعَذِّبُهُ عَذَابًا لَا أُعَذِّبُهُ أَحَدًا مِنَ الْعَالَمِينَ “.(المائدة: ١١٢ـ ١١٥)
أورد في التفاسير نزول سورة المائدة عن بن عباس وسلمان الفارسي وعمار بن ياسر وغيرهم من السلف ومضمون ذلك أن عيسى عليه السلام أمر الحواريين بصيام ثلاثين يوماً فلما أتموها سألوا عيسى إنزال المائدة من السماء ليأكلوا منها وتطمئن قلوبهم و إعجابهم للى طلبتهم تكون لهم عيدا يفطرون عليها يوم فطرهم.
ولما تضرع عيسى بالدعاء أنزل الله تعالى المائدة من السماء والناس ينظرون إليها تنحدر بين غمامتين وجعلت تدنو قليلاً قليلاً وكلما دنت سأل عيسى ربه عز وجل أن يجعلها رحمة لا نقمة وبركة، فلم تزل تدنو حتى نزلت بين يدي عيسى عليه السلام وهي مغطاة بمنديل فقام عيسى بالكشف عنها وهو يقول:”بسم الله خير الرزاقين”، فإذا عليها سبعة من الحيتان وسبعة أرغفة ويقال خل ويقال رمان وثمار لها رائحة عظيمة، فبدأ بالأكل الفقراء والمحاويج فبرأ من به آفه، فكانت تنزل كل يوم مرة، ثم أمر الله عيسى أن يقصرها على الفقراء دون الأغنياء فشق ذلك على كثير من الناس وتكلم منافقوهم في ذلك فرفعت بالكلية ومسخ الذين تكلموا في ذلك لخنازير.
ولقد اختلف العلماء في نزولها وقد روى بن جرير بإسناد صحيح إلى مجاهد والى الحسن بن أبي الحسن البصري إنهما قالا لم تنزل وأنهم أبو إنزالها حين قال الله تعالى:” اني منزلها عليكم فمن يكفر بعد منكم فإني أعذبه عذاباً لأعذبه لأحد من العالمين “، لهذا قيل النصارى لا يعرفون خير المائدة وليس مذكوراً في كتابهم مع ان خبرها مما يتوفر الداعي على نقله.
وراي الجمهور أنها نزلت كما دلت عليه الآثار كما هو مفهوم من ظاهر سياق القرآن ولا سيما قوله؛ ” اني منزلها عليكم” كما قرره بن جرير والله أعلم. ( بن كثير، 1990م: 86_87)
و بالرغم من انه لم يرد ذكر المائدة عند المسيحين، ولكن ذكرت في قاموس ماريا ليتش عندما اوردت كلمة سمك؛ The early fish became Christian symbol: Christ fed the multitude with five loaves and two fishes(Matt
iv, 19)
فيما ترجمته: قديماً ” كان السمك رمزاً مسيحياً، التخلص أطعم عددا غير محدود من الناس بخمسة أرغفة و سمكتين.”
وربنا يحقق اماني الجميع ونحن مقبلون علىعيد الفطر المبارك بعد صيام، وبسم الله خير الرازقين.

اضغط هنا للانضمام الى مجموعاتنا في واتساب

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى