السودان: أحمد يوسف التاي يكتب: ثورة الإحباط

0

كل الظروف السائدة الآن بكل سوئها ومخاطرها تفرض على السودانيين بكل ألوانهم السياسية، طرائقهم الفكرية والمذهبية أن يتواثقوا بوعي وإدراك تام على حماية ثورتهم في مواجهة (ثورة الإحباط) التي ينفخ كيرها الآن مردة النفاق والخداع الذين ساموا السودان الذل والهوان وأهدروا ثرواته وكرامة شعبه، وبددوا موارده بعد أن حولوه إلى ضيعة يمتلكها ذوي الحظوة والشوكة والسلطان، أقول لابد أن يصطف كل السودانيين لإخماد ثورة الاحباط المضادة التي تحاول إجهاض أحلامنا الكبيرة في وطن يسوده الرخاء والعدل والأمان، وتحاول زرع اليأس والقنوط..
الثورات في أي بلد في العالم هي بمثابة لحظات مخاض عسير تمر بها الأمة الثائرة ضد الظلم والطغيان والبغي والاستبداد، ولابد لهذه اللحظات القاسية أن تعقبها صرخة الميلاد والبشرى، لكن هل صرخة الميلاد هذه هي خاتمة المطاف ونهاية معاناة الظلم والقهر، أم أنها مرحلة جديدة من التضحيات في مسيرة إصلاح الأوضاع المستهدفة بالتغيير؟…
في مراحل الثورات تقدم الأمم خيرة أبناءها الصادقين المخلصين الإيجابيين، وتُسال الدماء الطاهرة الزكية مهراً للحرية والسلام والعدالة، وثمنا غاليا لبناء دولة الحقوق والمؤسسات، والكرامة الانسانية ..
بعد بزوغ فجر الثورة الجديدة ستستمر التضحيات والمعاناة في طريق طويل وشائك، وربما تزداد حتى بعد صرخة الميلاد ، فلابد ممن صبر طويل المراس في مرحلة الإصلاح، ومعالجة التشوهات وتصحيح الأوضاع الشائهة المراد تصحيحها وهو أمر قد يستدعي جراحة قاسية وبدون (بنج )، ووهي مرحلة أيضاً تستصحب معها استرجاع الحقوق لأصحابها، والقصاص والمحاكمات، وردة أفعال من جانب أنصار الوضع القديم..
حقائق الأشياء الموضوعية تقول أيضاً أن المولود الجديد لن يأتي بالمن والسلوى هكذا ضربة لازب، لأنه لا يملك عصا سحرية، ولايملك خزائن السموات والأرض، ولأنه لم يولد وفي فمه ملعقة من ذهب، بل جاء إلى “الدنيا” فوجد الأزمات والنكبات والكوارث، ووجد آثار الظلم والاستبداد والقهر والفساد المنظم الذي كانت تحميه سلطة مستبدة فاسدة، ووجد خراباً في النفوس والضمائر، الأخلاق، أتراه يقدر على إصلاح كل هذا الخراب والدمار الشامل في بضعة أشهر؟!!…بالطبع لا، فلابد من صبر عليه…
هذا المولود المبارك يحتاج إلى حماية ورعاية كي يشتد عوده وساعده، وهذا بدور يفرض على الجميع أن يستدعوا الصبر من خلجات النفوس، ويتواثقوا بوعي على حماية ثورتهم…
بالمقابل ستجد أنصار الوضع القديم المخلوع يبثون الضجر، والشائعات والفتن ويحاولون استغلال نتائج طبيعة الأوضاع الانتقالية ذات الشدة التي سبقت الاشارة اليها، وبنشر الهلع والخوف، في محاولة يائسة لزرع واستدعاء حالة من الندم في النفوس على أوضاع خبرها الناس وعاشوا آلامها ظلما وقهرا وتعذيبا وتنكيلا، وحرمانا من كل شيء، حينما كانوا هم يعيشون حياة الأمراء والملوك، والسفه والترف على حساب الغلابى المقهورين..
…اللهم هذا قسمي فيما أملك..
ضع نفسك دائما في الموضع الذي تحب أن يراك فيه الله، وثق انه يراك في كل حين.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.