السودان والزراعة في القمر

0

د. معتز صديق الحسن
> نهاية الأسبوع المنصرم وفي برنامج صباحات سودانية عبر قناة (s24) استوقفني بشدة خبر فحواه أن دولة الصين وفي رحلة هبوطها على الجانب المظلم من سطح القمر تمكنت من زراعة بذرة القطن ورعايتها حتى مرحلة النمو.

> أثناء المتابعة لحيثيات الخبر السابق جالت بخاطري مفارقة مُرة أن الصين تزرع في القمر بينما نحن هنا على الأرض وفي سودان الأراضي الشاسعة المسطحة والمياه (النيلية – الجوفية) المتوفرة تضيع مواسمنا الزراعية.

> ليأتي تعقيب المذيعة مطابقاً لخواطري -فالمصاب واحد- لتردد بحسرة أن الصين زرعت في القمر ونحن هنا في السودان أضعنا (مشروع الجزيرة) أكبر مشروع زراعي مروي في العالم.

> بل تتواصل حلقات “مسلسلات” التضييع لمواسمنا الزراعية في مشاريعنا الزراعية المطرية -القضارف أنموذجاً- والأسباب تدمي القلوب ولا نعض عليها أصابع الندم فتتكرر في كل موسم أحدها أو جميعها في تكرار لا يتعلم منه “الحمار” ناهيك عن “الشطار”.

> الأسباب والأعذار غير المقبولة سواءً في بداية الموسم أو وقت الحصاد تنحصر في انعدام السيولة للتمويل وشح الجازولين لتشغيل الآليات الزراعية أو قلة الأيدي العاملة وعدم توفر جوالات “الخيش” وضيق سعة المواعين التخزينية وغيرها.

> لا نحتاج للتذكير بأن الذهب ذهب بالكثير من رونق الاعتماد على الإنتاج الزراعي وأن القلة القليلة من المزارعين القابضين على جمرة هذه الحرفة المرهقة ترهقهم وتعترضهم الكثير من المشاكل والعقبات.

> أول وأهم هذه المنفرات -لا المحفزات- تتلخص في البيع لهم بالغالي عند الزراعة والشراء منهم بالرخيص عند الحصاد اضافة للضرائب المتعددة لا تقولوا هناك سياسات تشجيعية وأسعار تركيزية فكلها عاقبتها السجن شبه المؤبد لأنها مرهونة بقيد يبقى لحين السداد.

> اذاً بالاتجاه نحو تجريب الزراعة الفضائية لا ترددوا بعد اليوم الشعار “السمج” ولو من باب التغني بالماضي -الذي لم يحدث- عبارة السودان سلة غذاء العالم فقد يكون شعار المستقبل المطروح بدلاً عنها القمر كبسولة غذاء الفضاء.

> نتمنى أن تكتشف دولة الصين كوكب السودان أم أنه وللمعيقات المذكورة سابقاً فقد تكون الزراعة فيه أكثر كلفة من تسيير رحلات زراعة الفضاء الخارجي وقبل كل ذلك لم لا نسعى لاكتشافه بأنفسنا اليوم قبل الغد؟! هذا وبالله التوفيق.
سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.