اليكم الطاهر ساتيلكلِّ زمانٍ مَافيا..!!:

0

خطاب نائب رئيس المجلس السيادي، الفريق أول محمد حمدان دقلو، لم يكن صادماً.. ما حَدَثَ بعد الثورة لم يتجاوز محطة استبدال شُخُوص بآخرين، أمّا التغيير المنشود لم يحدث بعد.. لم يحدث في كل القطاعات، وليس فقط في قطاع الاقتصاد.. أما المافيا الوارد ذكرها في خطاب النائب، والمُتوارثة منذ عهد النظام المخلوع، لا تزال مُتوغِّلة في الأنشطة الاقتصادية، وليس فقط في أسواق الذهب والفول..!!:: بفعل المافيا، غير بلادنا، ودول قليلة ومُتخلِّفة أيضاً، لم تعد هناك دولة تحظر حركة التجارة.. فالحظر والمنع من سِمَات الدول ذات السياسة الاقتصادية المُتخلِّفة، أي الدول التي عقولها تُدير الاقتصاد بلا استراتيجية واضحة غير نظرية: (رزق اليوم باليوم).. وحظر حركة التجارة والصناعة صار مُعيباً ومُخالفاً لسُنن الحياة الحضارية ذات الاقتصاد الحُر.. ولأنّنا مُخالفون بالفطرة لكل ما يمُت للحضارة بصلة، لا تعرف أنظمتنا الحاكمة، عسكرية كانت أو مدنية، من علوم الاقتصاد غير (علم الحظر)..!!:: وبفعل المافيا، فإنّ النافذة الواحدة ليست مفقودة فقط في إجراءات إنتاج وتصدير الذهب، أو كَمَا جاء في خطاب نائب الرئيس، بل هي مفقودة في كل قطاع الاستثمار.. يُحاربون (النافذة الواحدة)، لأنّها أفضل وأحدث النُّظم المُتّبعة (عالمياً).. الهدف من نظام النافذة الواحدة هو مُكافحة الفساد واختصار الوقت والجهد وتسهيل الإجراءات لرجال المال والأعمال.. أغلى ما لرجال المال والأعمال هي ليست فقط أموالهم، بل أوقاتهم أيضاً..!!:: نظام النافذة الواحدة لتوفير وقت المُستثمر ولمُكافحة الفساد، أو هكذا نظم الإدارة في الدول ذات الأنظمة الواعية.. ولكن في بلادنا، حيث موطن المافيا المُتحالفة مع صُنّاع القرار، فالنافذة الواحدة تعني أن يأتي المستثمر في يناير هذا العام على سبيل المثال، ثم يُغادر البلاد في يناير العام التالي بأمل العودة وإكمال إجراءات استلام تصاديق مشروعه الاستثماري في يناير العام الثالث.. هذا أو أن يذهب المُستثمر في قطاع التعدين إلى وزارة التجارة ليعتقلوه و(يمرمطوه)..!!:: وهُناك شئٌ آخر، في كل دول العالم المُتَحَضِّر، ليس من بينها بلادنا طبعاً، اسمه الخارطة الاستثمارية.. فالسُّلطة المركزية المسؤولة عن الاستثمار، بالتنسيق مع الولايات والمحليات، هي التي تعد وتطبع وتوزِّع وتنشر هذه الخارطة الاستثمارية.. بعد إجراء الدراسات العميقة على التربة والمناخ وكل عوامل الطبيعة، هنا يصلح الزرع وهنا تصلح الصِّناعة وهنا تَصلح السياحة، أو هكذا الخارطة الاستثمارية بحيث تكون جَاهزة لرجال المال والأعمال..!!:: ولكن في بلادنا، حيث موطن عجائب الأشياء وتحالُف المافيا مع صُنّاع القرار، فإن الخارطة الاستثمارية هي أن تُصدِّق السُّلطة المركزية لرجل الأعمال بقطعة أرض بأحد فيافي البلد ليزرعها أو ليُعدِّن ذهبها، ثم تُطارده السُّلطات الولائية وتُلاحقه المحلية والأهالي بالحاكم – في مرحلة التنفيذ – حتى يهرب بجلده، تاركاً البلد للمافيا وحليفها (صُنّاع القرار)..!!:: القضاء على المافيا بحاجة إلى إرادة سياسية تصنع دولة المؤسسات والقانون.. أكرِّر دولة المُؤسّسات والقانون.. وثورة الشباب السودانية، وهي أعظم ثورة في التاريخ الحديث، كانت قادرة على تشكيل إرادة سياسية تصنع دولة المُؤسّسات والقانون.. ولكن زعماء الأحزاب (سرقوها)، ليكون الحصاد دولة لجان ومُحاصصات وأحزاب مُتصارعة ومافيا مُتحالفة مع صُنّاع القرار، حتى لا نُصدِّر الفول ولا ننتج القمح ولا.. ولا.. ولا.. لتظل يد بلادنا هي السفلى دائماً..!!:: وليس فقط شركات التعدين، بل كل رجال الأعمال، كما أسواق العامّة، يُؤمنون بما يرونه وليس بما يسمعون.. في أسواق العامة، ما أن تفتح محلاً لبيع العصائر وينجح المحل، يأتي آخر ويفتح مَحلاً آخر بجوارك.. ثم يأتي ثالث ورابع، ويصبح المكان سوقاً للعصائر.. ثم يكتشف أحدهم أنّ المكان يصلح لإنتاج الخُبز، ويبني (فرناً بلدياً)، وينتج ويربح.. ليأتي آخر ويبني مخبزاً آلياً، أي يُطوِّر فكرة صاحب الفرن البلدي، ليربح أكثر.. ثم يأتي آخر بفكرة جديدة.. و.. و..!!:: هكذا تُؤسِّس المُجتمعات أسواقها.. بالمُنافسة العادلة في البيع والشراء، وبتطوير الأفكار فيما بينها.. وما بالمُجتمعات يرتقي إلى مُستوى الدول في حال أن تُدير أجهزة الدولة اقتصاد البلد بنزاهةٍ ومهنيةٍ، وليس بنهج المافيا المُتَحَالِفة مع صُنّاع القرار، والتي تتحوّل وتتلوّن حسب حاجة الشموليات و.. الثورات..!!
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.