
متابعات-الحرية نيوز-أعلنت شبكة أطباء السودان عن ارتكاب قوات الدعم السريع مجزرة جديدة في مدينة الفاشر بولاية شمال دارفور، راح ضحيتها 21 مدنيًا، بينهم 5 أطفال، إلى جانب إصابة 14 آخرين بجروح متفاوتة، نتيجة قصف مدفعي وصفته الشبكة بـ”المتعمد” استهدف حي “أولاد الريف” جنوب غرب السوق الكبير بالمدينة.
وقالت الشبكة في بيان لها، إن ما يجري في ولاية شمال دارفور “يفوق الوصف”، حيث ارتفع عدد القتلى إلى أكثر من 600 قتيل خلال أقل من عشرة أيام، غالبيتهم من المدنيين العزل، في تصعيد عسكري وصفته بأنه يمثل أكبر مجزرة جماعية تشهدها الولاية منذ اندلاع الحرب الأخيرة.
وأشارت الشبكة إلى أن القصف العنيف والمواجهات المسلحة لم تقتصر على الفاشر وحدها، بل شملت أيضًا معسكر زمزم للنازحين ومنطقة أم كدادة، حيث استخدمت مليشيا الدعم السريع الأسلحة الثقيلة بشكل مباشر وعشوائي ضد الأحياء السكنية المكتظة بالسكان، ما أدى إلى مئات القتلى والجرحى، بالإضافة إلى دمار واسع في البنية التحتية والمرافق الخدمية.
“الفاشر تحترق والمجتمع الدولي يتفرج”
وأبدت شبكة الأطباء أسفها الشديد لما وصفته بـ”الصمت المريب والتجاهل المتعمد” من قبل المجتمع الدولي تجاه ما يحدث في ولاية شمال دارفور، معتبرة أن هذا الصمت “تشجيع مباشر على مواصلة عمليات الإبادة الجماعية” ضد المدنيين في الفاشر وبقية المناطق المنكوبة.
وقالت الشبكة إن الدعم السريع حول المدنيين إلى أهداف مشروعة، حيث “تُطلق المدفعية والصواريخ الموجهة على المنازل والأسواق والأحياء دون أي اعتبار للقانون الدولي أو حقوق الإنسان”.
حذرت الشبكة من أن الوضع الإنساني في الفاشر أصبح كارثيًا بكل المقاييس، في ظل استمرار الهجمات وانعدام المساعدات الطبية والدوائية وغياب الحماية الدولية. وأوضحت أن المشافي القليلة التي لا تزال تعمل بالكاد تستوعب الأعداد الكبيرة من الجرحى والمصابين، في حين أن انقطاع الكهرباء والمياه ونقص الوقود فاقم الوضع الصحي وعرقل عمل الطواقم الطبية.
ودعت الشبكة منظمات الإغاثة الإنسانية والمنظمات الدولية، وعلى رأسها الأمم المتحدة، إلى التحرك الفوري والعاجل لإيقاف نزيف الدم، وفتح ممرات إنسانية آمنة لإيصال الإمدادات الطبية والدوائية والغذائية للمتضررين.
تؤكد تقارير متطابقة من منظمات إنسانية محلية ودولية، أن ولاية شمال دارفور تعيش أسوأ فصول الحرب الحالية، حيث أصبحت الفاشر محاصرة من ثلاث جهات على الأقل، وسط تصعيد خطير للعمليات العسكرية من قبل مليشيا الدعم السريع التي تشن هجمات دورية على أحياء مكتظة بالسكان.
كما أن معسكر “زمزم” للنازحين، أحد أكبر معسكرات النزوح في السودان، شهد خلال الأيام الماضية عمليات اقتحام وحرق واغتصاب واعتداءات ممنهجة، وسط غياب كامل للحماية الدولية.
طالبت شبكة أطباء السودان الجهات الحقوقية والمنظمات الأممية بتوثيق هذه الانتهاكات التي ترقى إلى جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، والعمل على ملاحقة المسؤولين عنها قانونيًا. وشددت على ضرورة تشكيل لجنة تحقيق دولية مستقلة للنظر في المجازر التي تشهدها دارفور بشكل يومي.
كما نادت الشبكة مجلس الأمن الدولي والمجتمع الإقليمي بضرورة التحرك الجاد والضغط لوقف الهجمات فورًا، والعمل على فرض حظر تسليح لمليشيا الدعم السريع، وفرض عقوبات على الداعمين الإقليميين والدوليين المتورطين في تغذية هذا النزاع الدموي.
يرى مراقبون أن التصعيد العسكري في دارفور، وخاصة في الفاشر، قد يشكل نقطة تحول خطيرة في مسار الحرب في السودان، ويهدد بانفجار نزاع شامل قد يمتد إلى مناطق جديدة، خاصة مع التوترات القبلية والصراعات المحلية التي تغذيها المليشيات المتعددة.
ومع استمرار غياب دور واضح وفاعل للمجتمع الدولي، وتجاهل نداءات منظمات الإغاثة، تبقى حياة الآلاف من المدنيين عرضة للمزيد من المجازر في صمت دولي مريب