
وظفت فراغات كبيرة في فترة الحرب .خاصة مع أشهر إنقطاع الإتصالات والكهرباء وبحظ نسبي جعلني أنقذ مكتبة أحد الجيران في قراءات عميقة ومركزة لسلسلة مجلدات تاريخ الطبري .وتاريخ إبن خلدون والبداية والنهاية لإبن كثير .
قراءة معمقة وبتركيز شديد خاصة ما عرف بفترة الفتنة ـ وما حدث قد حدث ـ وما بعد مرحلة الخليفة الراشد عثمان بن عفان عليه رضوان الله . وبمقارنة بسيطة في مرويات الكتب الثلاثة .على إختلاف مناهج الرصد التاريخي لتلك الفترة فإن عظم الوقائع يبدو متطابقا وإن كان للطبري جراءة غير محددة بمقيدات مع إنضباط حذر في رواية إبن كثير وتجنب ألغام الخلاف عند إبن خلدون .
لكن تلك الحقبة ووفق السرد يلحظ القارئ فيها لغة عربية رفيعة .ربما لا تتكرر في مضابط القصص التاريخية في النسخ الأخرى لتلك الحقبة أو ما تلاها .
وربما أن من يقرأ الكتب الثلاثة يجد فروقات بينة حال إستدعاء تلك البيئة اللغوية والمعروض عنها والمنتج عنها كأعمال درامية ! لدرجة أن النسخة الورقية لتلك الكتب تبدو أوسع ثراء بالمحتوى حتى من حالة تحويلها لأعمال مشاهدة حتى ولو على فقرات ومراحل منها
2
الان يدور لغط متصاعد حول مسلسل معاوية بن سفيان . يعرض على قناة 1 mbc . وغالبا ما سينحرف إلى تدقيقات وفتح مغاليق جدل بدأت أثاره من العراق لكن بالقليل الذي شاهدته ومقارنة مع قرأت ورغم توفر المادة المكتوبة فالفوارق بعيدة وشاسعة ولا أعرف هل هو فشل في تحويل النص التاريخي إلى سيناريو .ام هبوط السيناريو نفسه إلى بيئة مستويات الممثلين فجاء العمل حاجة (مجوبكة ) وغاب بالكلية ذاك الأثر العاطفي المحفز على المتابعة عند المتلقي ! وربما السبب في هذا إن تقادم السنوات وحال الأمة العربية والإسلامية نفسه حاليا يدفع إلى الإحباط غير المساعد على الإستلهام مما سبق قياسا على ما هو واقع الان
3
الغريب ورغم تطور أدوات العرض وتقانة توظيف الدراما حاليا .أن شخصية مثل دور عبد الرحمن أبو زهرة كتجسيد لشخصية الحجاج بن يوسف وأظن في سنوات إنتاج أقل كفاءة ظل في ثوابت ذاكرة الجمهور .
لغة وحضورا وفصاحة وتقمص لبيئة التشخيص والنص .لدرجة أنني لو افترضت صورة للحجاج لمن تشكلت أمامي سوى صورة (أبو زهرة) الذي حتى عندما ظهر بالقطفان والشيشة في حواري مسلسل لن أعيش في جلباب أبي بدور المعلم ساردينة كانت تقاطيع الرجل تردني من حواري القاهرة لأيام الحجاج في بغداد والكوفة .
فكأنما ربط الرجل بين شخصيتين في تواريخ منفصلة وأغراض شتى . رغم أن المواصفات الخاصة بشكل الجسد والملامح ـ حسب الرواةـ لا تنطبق على أبو زهرة لكنه عوض ذلك بالتعابير واللغة وملء الأجواء فتجاوز الشخص إلى الروح العامة .