جبريل: الثورة غيرت المعادلات وأتت بأطراف بينهم شراكة لبناء دولة المساواة

0

قال الدكتور جبريل إبراهيم رئيس حركة العدل والمساواة الأمين العام للجبهة الثورية السودانية أن ثورة ديسمبر المجيدة غيرت المعادلات السياسية واتت بأطراف متفاوضة تسود بينهم علاقة شراكة أكثر من كونها علاقة خصومة مشيرا إلى سعيهم لوضع قواعد حقيقيه لبناء دولة جديدة يتساوى فيها المواطنون في الحقوق والواجبات.

واكد في حوار مع (سونا) المساعي الجادة مع الوساطة والطرف الحكومي في أن تتاح الفرصة لأهل كردفان للتعبير عن قضيتهم في منبر جوبا موضحا مخاطبتهم للقضايا بصورة جادة والبحث عن حلول حقيقية وأشار بأن القلق ليس في إمكانية الوصول لاتفاق سلام إنما في إمكانية تنفيذ اتفاق السلام مضيفا بأن العلاقة مع الحرية والتغيير على مستوى التنظيمات علاقة طبيعية الي حد كبير.

حوار مفتوح مع الدكتور إبراهيم جبريل ادارته (سونا) من مدينة جوبا فإلى مضابط الحوار:

س -التفاوض عبر المسارات وجد قبولا ورفضا من المراقبين والمتابعين والمهتمين لمسيرة مفاوضات السلام بمنبر جوبا ، فهل لهذه المسارات المتعددة جدوى تقود الى سلام ام انها بعثرة للجهود ومضيعة للوقت ؟

ج -أولاً القضية السودانية واحدة سواء كانت في شرق السودان وفي وسطه وفي غربه وفي شماله فهي قضية تهميش وتوزيع غير عادل للسلطة وللثروة وتنمية غير متعادلة ومواطنة غير متساوية لذلك كل أهل السودان يجأرون بالشكوى ربما بدرجات متفاوتة وبعضهم اضطر لحمل السلاح والبعض الآخر لم يحمل السلاح ولكن القضية واحدة ، لذلك من الطبيعي أن ينظر للقضية السودانية بكلياتها ومن كل الزوايا و كان من المهم جداً أن نستمع لأهل الشرق والشمال والوسط والى كل نواحي السودان واعتقد ان مسألة المسارات هيأت لكل أطراف السودان أن تعبرعن نفسها وقضيتها بقوة وهم أمر مهم ، ربما أن أهلنا في كردفان لم يجدوا الفرصة حتى الآن للتعبير عن قضيتهم ونحن نسعى في الوساطة مع البقية والطرف الحكومي في التمهيد لهم لعرض قضيتهم أمام الوساطة.

اعتقد أن الشكوى باستمرار كانت بشأن المحادثات الثنائية وغير الشاملة الآن المسألة تغيرت وصارت أكثر شمولا وكل أهل السودان وجدوا فرصة ليعبروا عن قضايا مناطقهم وهذه تعتبر ميزة إضافية للمفاوضات بمنبر جوبا وليس خصماً لها ، الأمر الآخر الجبهة الثورية مكونة من عدد من التنظيمات بعضها يمثل جهات في السودان والبعض الآخر تنظيمات قومية ولذلك كان من الضروري أن يشارك هؤلاء جميعا في مسألة المفاوضات وما كان لهم أن يشاركوا من غير فتح هذه المسارات ، صحيح انها تجربة جديدة لكنها تعتبر أمرا مهماً وإضافة حقيقة.

س- أين وصلت المفاوضات بهذه المسارات ؟

ج- تفاوض أهل الشمال وصلوا لاتفاق مع الطرف الحكومي وكذلك أهل الوسط وأهل الشرق ، تبقت لهذه المسارات القضايا القومية التي تتطلب أن يتم التفاوض فيها باسم الجبهة الثورية السودانية وهذا يعتبر إنجازا كبيرا و تبقت في مسار دارفور بعض القضايا العالقة وملف الترتيبات الأمنية والقضايا القومية.

س – كيف تنظرون لمسالة التفاوض الغير مباشر وهل هي بدعة ابتدعها منبر جوبا للتفاوض ؟

ج – التفاوض الغير مباشر يعني التفاوض عبر وسطاء ، أي نقل وجهة نظر طرف للطرف الآخر ونقل وجهة ذلك الطرف للطرف الأول وهو تفاوض متعارف عليه وهذا يتم إما بسبب أن الأطراف غير مستعدة للجلوس وجها لوجه إلى أن يتيسر قدر من الثقة التي تسمح للأطراف المتفاوضة بالجلوس ، أو لوجود أسباب تحول دون جلوس الأطراف مع بعضها البعض ، فالتفاوض غير المباشر ليس ببدعة وإنما هي تجربة ممارسة في كثير من النزاعات والخلافات التي يتواجه فيها الناس بعضهم البعض سواء كان ذلك النزاع بالسلاح أو بغيره.

ونؤكد أن ما اجبر الحكومة والجبهة الثورية على التفاوض غير المباشر في جوبا هي جائحة كورونا التي اجتاحت العالم ومنعت الاجتماعات بأعداد كبيرة في قاعات مغلقة أيضا مسائل الحجر الصحي للذين يتنقلون من بلد لآخر فصارت هناك موانع من أن يجتمع الناس في مكان واحد ويتم التفاوض على القضايا المطروحة في الساحة لذلك اللجوء إلى التفاوض غير المباشر في منبر جوبا ليس برغبة الأطراف ولكن حرصا منهم لاستمرار التفاوض وإلا كان البديل رفع الجولة لأجل غير مسمى ، فلا أحد يعلم بنهاية هذه الجائحة إلا الله سبحانه وتعالى لذلك رغبة وإرادة الأطراف للوصول إلى نتائج نهائية جعلتهم يلجأون للتفاوض الغير مباشر ، لأننا قطعنا أشواطاً كبيرة في المفاوضات وما تبقى الا القليل ، فكان الرأي بدلا من رفع الجولة اللجوء الي الخيار المطروح وليس هو الأفضل ولجأنا اليه اضطراراً.

س- التفاوض عبر دائرة تلفزيونية مغلقة (فيديو كونفرس) طريقة لجأت اليها الوساطة مؤخرا ما هو تقييمكم لها ؟

ج- هي وسيلة تجعل من التفاوض مباشرا فقط مع وجود الاطراف في أماكن مختلفة وهي وسيلة جيدة أسهمت كثيرا في تقدم المفاوضات ونشكر الاتحاد الأوربي لدوره في إستضافة الأطراف المتفاوضة في مقرهم بجوبا والخرطوم وتوفير التقنية اللازمة لذلك.

س- ماذا يبحث التفاوض الغير مباشر بين الحكومة والجبهة الثورية الآن ؟

ج – نحن الآن من طرف الجبهة الثورية السودانية وبخاصة مسار المنطقتين ومسار دارفور سلمنا الوساطة القضايا العالقة في الملفات التي حسمت ونقلت الوساطة هذه القضايا للحكومة الانتقالية والآن هي تحاول أن تحسم هذه القضايا في أسرع وقت وطلبوا منا تمديد فترة الرد لـ 48 ساعة لذلك نتوقع الرد على القضايا العالقة خلال اليومين القادمين ، و الحمد لله استطعنا من خلال التفاوض عبر دائرة تلفزيونية مغلقة (الفيديو كونفرس) أن نقطع مراحل متقدمة فيما يتعلق بالقضايا العالقة.

س- ماهي القضايا العالقة في التفاوض حالياً ؟

ج – هي علي سبيل المثال – المادة (20) في الوثيقة الدستورية التي تمنع شاغلي الوظائف الدستورية من الترشح في الانتخابات القادمة ، المبالغ المطلوبة للتعويضات وإعادة الاعمار وغيرها ، أيضاً تمثيل الأقاليم في المجلس التشريعي ومجلس الوزراء ، وتمثيل حركات الكفاح المسلح في المواقع المختلفة وهي مجموعة من القضايا العالقة رفعت للطرف الحكومي وننتظر الرد.

س- هل معني ذلك أنها قضايا تم التفاوض حولها ولكن لم يتم حسمها بعد ؟

ج- بالتأكيد ونحن نحسب بأن القضايا العالقة ليست قضايا شائكة وكلها قضايا قابلة للوصول فيها لشكل من أشكال الاتفاق ونحسب أن الإخوة في الوفد الحكومي كانوا في حاجة للتشاور مع اطراف متعددة في الحكومة الانتقالية.

س-كيف تنظرون للسلام الذي أنتم بصدد الوصول إليه مع الحكومة الانتقالية وماذا يعني بالنسبة لكم وبالنسبة للشعب السوداني ؟

ج- الجبهة الثورية حريصة جدا على تحقيق السلام بالرغم أن البيئة لم تكن مؤاتية ورغم الاعتراض المباشر والغير مباشر من المجتمع الإقليمي ورغم الظروف المحيطة بالمفاوضات ، إلا أن الجبهة الثورية أصرت للمضي قدما بمفاوضات جوبا لقناعة بأن الاستقرار في السودان لن يتحقق من غير تحقيق السلام وأن الفترة الانتقالية مهددة بالتحول إلى حالة أقرب للفوضى ما لم يتحقق السلام وما لم ينضم الجميع إلى ركب الثورة وبناء البلاد والجميع على قناعة بأن الوضع الاقتصادي في البلاد سببه الأساسي الحرب وبالتالي إن أردنا معالجة مشكلة الاقتصاد لابد من معالجة مشكلة الحرب ولو أردنا علاج مشكلة الاستقرار السياسي لابد من معالجة مشكلة الحرب لذلك نحن على قناعة تامة بأنه لا خيار لنا غير المضي في خط السلام إلى النهاية.

ولحسن الحظ الإرادة ليست متوفرة فقط عند هذا الطرف ولكن أيضا شعرنا بأن إخوتنا في مجلس السيادة والأخ رئيس الوزراء يحملون نفس الهموم وعندهم نفس الرغبة والإرادة في الوصول لاتفاق سلام لذلك ما تحقق من إنجاز في المفاوضات والتي نجحت نتيجة لدفع ذاتي من الأطراف ورغبتهم الحقيقية للوصول الي اتفاق سلام وهذا لا ينتقص من دور الوسطاء وجهودهم التي بذلوها في سبيل الوصول إلى اتفاق سلام.

س – قمتم بالتوقيع علي تمديد فترة التفاوض لمدة شهر حتى التاسع من مايو القادم كيف تنظرون لمسألة تحديد التفاوض بفترة زمنية محددة ؟

ج- من الأساس الاتفاق على الوصول الى اتفاق سلام خلال شهرين الذي جاء بإعلان جوبا ، لم يكن المقصود منه الالتزام القاطع بالتواريخ المحددة بقدر ما كان الهدف منه إظهار الجدية والرغبة في الوصول الى اتفاق سلام شامل لأنه لا أحد يستطيع ان يحدد وقت للانتهاء من التفاوض لارتباط الأمر بالقضايا المطروحة وحجم التعقيد الموجود في تلك القضايا ، لذلك كان من الطبيعي في ظل الإرادة والرغبة المتوفرة لدى الطرفين أن يستمروا في التفاوض من غير اللجوء الى التجديد والآن طرأت ظروف أدت الى تمديد فترة التفاوض الى التاسع من مايو القادم ونامل أن نسعى في خلال هذا الشهر لتحقيق التقدم المطلوب والوصول الى سلام شامل.

س – هنالك حديث بأن الفرص التي أًتيحت لمفاوضات السلام في الفترات السابقة أكبر من التي تتاح حالياً خاصة فيما يتعلق بدعم ومساندة المنظمات الإقليمية والدولية وتمويل وتنفيذ الاتفاق من الدول الصديقة والشقيقة مما جعل البعض يعتبر ما يتم في جوبا هو اتفاق سلام ناقص يفتقد للدعم الدولي والرعاية لمخرجات الاتفاق وتنفيذه في أرض الواقع ما هي رؤيتكم ؟

ج – في حقيقة الأمر الأوضاع الدولية لا تستقر على حال والفرص التي تتاح هنا وهنالك إن لم يغتنمها الناس قد لا تتكرر الحكومة السابقة لم تكن جادة للوصول الى اتفاق سلام مع أي طرف ، كانوا حريصون علي تحقيق قدر من العلاقات العامة ويسعون للظهور للمجتمع الدولي والإقليمي بأنهم دعاة للسلام ، و في ذات الوقت يسعون لتسجيل نقاط على الخصوم ولم تكن هنالك إرادة حقيقية للوصول لاتفاق سلام ، بالعكس دائما كانوا يسعون لشراء بعض الذمم ولم تكن لديهم جدية للبحث عن السلام ولذلك ضيعت تلك الفرص الكثيرة التي أًتيحت والزخم الإقليمي والدولي الذي كان متاحا والموارد التي يمكن أن تتاح ، مثلا الاخوة في قطر التزموا بدفع ملياري دولار لإعادة الاعمار في إقليم دارفور ولكن لأن السلام لم يتحقق بالشكل المطلوب ضاعت تلك المبالغ ، والحديث حقيقي بأن الدعم الإقليمي الذي كان بمنبر الدوحة مثلا ليس بذلك القدر الآن بمنبر جوبا وذلك لأن جزء من الأمر يتعلق باهتمامات العالم صارت تركز علي نقاط مختلفة عن الصراع في السودان والسبب الأخر أنهم كانوا يظنون بأن منبر جوبا غير قادر على تحقيق السلام وربما كانوا يرددون بأن ” باب النجار مخلع فأولى به أن يصلح بابه قبل إصلاح باب الآخرين” فكانوا يعتقدون أولى لجوبا أن تحل مشكلتها الداخلية قبل ان تحل مشكلة السودان.

ولكن نحن على ثقة بأن إخوتنا في جنوب السودان هم أدرى الناس بالقضية بحكم أنهم قاتلوا لعقود طويلة لنفس الأسباب وبحثوا عن الانفصال فلذلك هم يفهمون القضية فهماً صحيحاً ولديهم مصلحة حقيقية في تحقيق السلام في السودان لأنهم لن يستقروا ولن يتحقق السلام في جنوب السودان دون تحقيق السلام في السودان والعكس كذلك ولذلك الأطراف قرروا المضي في التفاوض بمنبر جوبا ، القلق ليس الآن في إمكانية الوصول لاتفاق سلام لكن القلق في إمكانية تنفيذ ما يمكن الوصول اليه من اتفاق سلام ، لأن مسألة الموارد واستحقاقات السلام ستكون قائمة وقد لايقف المحيط الاقليمي الى جانبنا لتنفيذ اتفاق السلام ولكن ما لا يدرك كله لا يترك جله.

وإذا كنا لم نصل الى اتفاق سلام بالتأكيد لن تأتي الموارد فالاولى أن نصل الى اتفاق سلام أولا ونعمل معا من أجل الحصول على موارد لتنفيذ هذا الاتفاق والسودان بلد غني ويزخر بموارد اقتصادية وهنالك فرص لتمويل السلام من إمكانياته ، صحيح ظاهر الأشياء أن السودان حاليا يعيش ظروفاً اقتصادية قاهرة ومعاناة اقتصادية خانقة والناس في صفوف الغاز والخبز والبنزين ولكن لو أحسنا إدارة ما نملك سنصل الى مبتغانا ولدينا فرصة كبيرة لتفجير إمكانات السودان الكامنة والوصول لتمويل اتفاقية السلام وتمويل الاقتصاد السوداني.

س- ظلت العلاقة بين الجبهة الثورية وقوى الحرية والتغيير في تأرجح الى أين وصلت العلاقة بينكم في نهاية المطاف ؟

ج -علاقتنا مع الحرية والتغيير على مستوى التنظيمات علاقة طبيعية الى حد كبير ولكن كجسم بيننا خلافات جزء من أخوتنا في الحرية والتغيير لايرون ضرورة للعملية السلام حاليا ولا يعطونها الأهمية اللازمة ويعتقدون أن القضية السودانية كانت خلافا بين النظام السابق وحركات الكفاح المسلح وما دام النظام السابق قد ذهب فكان الاولى أن تعود حركات الكفاح الى السودان وينتهي الأمر هكذا ، وينسون أن قضية السودان لم تبدأ بالانقاذ، صحيح الانقاذ ساهمت في تعقيد الأوضاع وارتكبت جرائم فظيعة جدا بما في ذلك جريمة الإبادة الجماعية ولكن القضية بدأت قبل خروج المستعمر من السودان واحتجاج كل أطراف السودان على أنها لا تجد نفسها في مرآة الدولة ولا تمثل بصورة عادلة في السلطة ولا تجد حظها في التنمية من موارد البلاد ، كل هذه القضايا قديمة وليست جديدة ولم تعالج ولم تخاطب بصورة جادة والآن ما نفعله في منبر جوبا هو مخاطبة هذه القضايا بصورة جادة والبحث عن حلول حقيقية حتى لا يعود الناس الى الحرب مرة أخرى. نحن نريد للحرب الأهلية في السودان أن تنتهي بمفاوضات جوبا وأن يتجه أهل السودان جميعا للاعمار والبناء بدلاً من الحرب والاقتتال ، نريد أن نضع قواعد حقيقية لبناء دولة جديدة ليس فيها تشاكس ، ليس فيها تظالم يتساوى فيها المواطنون في الحقوق والوجابات وهذا يتطلب منا أن نتفاوض مع من في السلطة بهذا الخصوص.

الخلاف بيننا وبين أخوتنا في قوى الحرية والتغيير جزء كبير منهم لا يفهمون قضية السودان بهذه الابعاد وإنما ينظرون الى قضية السودان بصورة سطحية وبالتالي ينظرون الى العلاج أيضا بذات الشكل السطحي، أيضا بعضهم شعر بأنه حصل على غنيمة غير مستحقة من حيث القاعدة الشعبية ومن حيث دورهم في الثورة الشعبية ويخشون على هذه الغنيمة من مشاركة الآخرين لذلك خيرا لهم أن لا تأتي الجبهة الثورية شريكا لهم و خصما علي نصيبهم من الغنيمة وهم لا يقولون ذلك ولكن واقعا يريدون للجبهة الثورية أن تبقى بعيدا عن الساحة السياسية الى أن تنتهي الفترة الانتقالية وثم بعد ذلك يحدث ما يحدث وهذا مكان اختلاف بيننا وبينهم ، نحن نريد للحرب الأهلية في السودان أن تنتهي بمفاوضات جوبا وأن يتجه أهل السودان جميعا للاعمار والبناء بدلا من الحرب والاقتتال.

حوار: أحمد إسماعيل

وكالة السودان للأنباء (سونا)

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.