اعتداءات في زمن الحظر..الشرطة في مواجهة العاصفة

0

عقب سقوط نظام الثلاثين من يونيو في الـ11 أبريل2019م، تجدد الأمل لوضع الإصلاحات اللازمة في الدولة وترميم ما خلفهُ حكم ثلاثين عامًا، أبرز المطالبات والأصوات ظلت دومًا تنادي بضرورة إصلاح المنظومة الأمنية وإعادة هيكلتها بما يتوافق مع مباديء الثورة وما يجب أن تكون عليه تلك المؤسسات. ولم تكن الشرطة السودانية استثناءًا من ذلك.
يُردد قادتها دائمًا أن (الشرطة من رحم الشعب)، وتسعى اداراتها بحسب ما أشارت إليه في العديد من بياناتها إلى خلق نموذجٍ أمثل للشرطة السودانية، لكن بعض الاحتكاكات والاعتداءات التي وقعت مؤخرًا بين مواطنيين ومنسوبي الشرطة خلقت حالةً من الاحتقان والسخط تجاه هذه المنظومة.

*باج نيوز: إيمان كمال الدين*

وعلى نسقٍ متوالي ومنذ فرض حظر التجوال الصحي الكامل وقعت احتكاكات بين عاملين في القطاع الصحي، والكهرباء مع بعض منسوبي الشرطة في نقاط الارتكاز، أما أبرز الوقائع كانت مع وزيرة الشباب والرياضة ولاء البوشي.
هذه الأحداث أبدت سخطًا من كثيرين تجاه الشرطة ومطالبات بضرورة عدم الاعتداء على المواطنين وفتح باب التحقيق والمحاسبة في الوقائع التي حدثت، فيما استدعى البعض من ذاكرة الأحداث في ديسمبر وما تلاها، العنف الذي مارستهُ الشرطة تجاه المواطنين.
وزارة الداخلية وعدت في بيان لها عقب تلك الوقائع بالتحقيق حول الملابسات أما الناطق الرسمي باسم قوات الشرطة اللواء عمر عبد الماجد أكد في بيانٍ سابق أن الشرطة لم ولن تكون خصمًا لأيّ فصيل في المجتمع.
وسعت (باج نيوز) للاتصال بالناطق الرسمي لقوات الشرطة للافادة حول تلك الوقائع وأسبابها ودور الشرطة تجاه منع الاحتكاكات وجهود الإصلاح، إلا أنهُ لم يرد على اتصالات (باج نيوز).
*تقويض الاصلاحات*
أراءٌ مضت للقول أن الشرطة السودانية حالها كحال العديد من المؤسسات في النظام السابق ما زال يوجد بها عدد من مؤيدي النظام السابق، معتبرين أن ما يُحدث مرتب لهُ ويصب في إطار تقويض الاصلاحات والقوانين التي تعتزم وزارة الداخلية تقديمها إلى جانب عرقلة عودة جهاز الأمن الداخلي للشرطة وإعادة صلاحياته إلى جهاز المخابرات العامة.
من جانب آخر يرى مراقبون أن النظام السابق أرسى سلوكيات تعتمد في أساسها على تجاوز القانون.
مصادر دللت في حديثها لـ(باج نيوز) على تلك النماذج بالإشارة إلى بعض الوقائع التي ظلت سمةً في النظام السابق حيثُ يقوم أحدهم بقطع إشارة المرور الحمراء وبعربة مظللة، وبدون لوحات، عندما يقترب منه شرطى المرور إما أن يستخرج بطاقة أو يخرج الهاتف للإتصال.
وأضافت ذات المصادر: في الحكومة السابقة قام أحد رجال الشرطة بتحرير مخالفة لإبن أحد كبار المسئولين في الدولة فكانت تلك المخالفة هي آخر ما كتبه وحرره في وظيفته بالتالى هناك ترسبات نفسية منذ العهد البائد إرتبطت بإستغلال النفوذ لدى البعض والأمان الوظيفى للشرطى وسياسة التنقلات التعسفية السابقة بل قد ترقي للفصل من الخدمة عند تطبيق كامل القانون.
وتابعت: هذه الأحداث أيضًا ليست بعيدة عن تجاذبات اللعبة السياسية وبعضهم في صراعه مع الآخر يريد الزج بالشرطة في تصفية هذه الخصومات فيعمل على زعزعة ثقة المواطن في الشرطة.
بالمقابل نوهت مصادر شرطية في حديثها لـ(باج نيوز) إلى ضعف العائد المادي في ظل الأوضاع الحالية مما يلقى بظلاله على نظم الإختيار للإلتحاق بصفوف الشرطة مع الحاجة المستمرة لتأهيل الكوادر الشرطية.
*حظر صحي*
اللواء د. أمين اسماعيل مجذوب قال في حديثه لـ(باج نيوز): إن لائحة حظر التجوال تحتوي على شقين توجيهات تخص الأجهزة الشرطية والأمنية وجانب آخر يهم المواطن، مشيرًا إلى أن هذا الحجر صحي وليس أمني وهناك استثناءات للكوادر الصحية، الدستوريين، العاملين في الأسواق بموجب تصاريح من الجهات المختصة.
ويرى مجذوب أن الاحتكاك يحدث في حال عدم حمل المواطن لأوراقه الثبوتية والجانب الآخر عدم التدريب أو التأهيل والخشونة وتطبيق نص القانون وليس روح القانون.
ويستبعد مجذوب أن تكون هذه الحوادث ممنهجة أو مدبرة، مُعتبرًا أنها أحداث فردية منفصلة لها مسبباتها.
وأضاف: القوات النظامية قادرة على حسم أيّ خلل.
*الأنظمة الشمولية*
الخبير القانوني عثمان يوسف قال في حديثه لـ(باج نيوز): إنهُ مُنذ الاستقلال لم تعمر الحكومات المدنية السابقة مقارنة بالأنظمة الشمولية كثيرًا لذا كانت العقيدة الشرطية تُبنى تحت مظلة الأنظمة الشمولية وتعمل على تحقيق أهداف تقتصر على خدمة الحكومات لا خدمة الدولة والشعب فكانت الشرطة تدور في فلك تلك الأنظمة شأنها شأن كل الأجهزة الرسمية الأخرى التي صممت لتخدم الهدف الأساسي وهو إستمرار تلك الأنظمة في الحكم إلى ما لا نهاية حسب تقديراتها.
*إصلاحات حقيقية*
ووفقًا لما أوردتهُ مصفوفة مهام الفترة الانتقالية فمن المُقرر انفاذ إصلاحات عاجلة في جهاز الشرطة وبناء جهاز أمن داخلي بحيث يتبع لوزارة الداخلية ليناقشها الإجتماع المشترك بين مجلسي السيادة والوزراء والحُرية والتغيير، في الفترة من مايو-يوليو 2020م.
مصدر مطلع أكد في حديثه لـ(باج نيوز): إن هناك ترتيبات وإصلاحات حقيقية متكاملة تمضى بثبات ويجب أن تكتمل ورسمت معالمها وبدأت خطواتها وتم الشروع فى تنفيذها وأساسها إعادة بناء العقيدة المهنية للشرطة لتعمل في خدمة الشعب والوطن وحماية وتثبيت أركان الدولة المدنية الديمقراطية مشيرًا إلى أن كل ذلك يتم عبر بوابة (التدريب) وتحسين شروط الخدمة الشرطية لتصبح جاذبة بما يطور من إمكانات توظيف الموارد البشرية بصورة أفضل وتحسين بيئة العمل السيئة التي تعمل بها الشرطة.
وأضاف: الآن أغلب الإرتكازات التي يعتب عليها الجميع تعمل لمدة ٢٤ ساعة متواصلة في ظل درجات حرارة مرتفعة وفي شهر رمضان ورغم ذلك ظلوا يعملون بدوام متواصل وفي حالة إستنفار قصوى منذ أكثر من عام لدواعى التغييرات والتحولات بالبلاد، مُعتبرًا أنهم حاليا أكثر شريحة معرضة لخطر الإصابة بجائحة كورونا ولا تتوفر لهم أدنى مقومات التوعية الصحية والحماية بالملابس والوقاية مع ضعف العائد المادى، ويعملون تحت ضغط نفسي وصحي وأسري ومادي.
وتابع: يتطلب ذلك إحداث تقارب من الحكومة المدنية مع أفراد الشرطة على أرض الميدان وزيارتهم وتفقد أحوالهم ودعمهم وحفزهم معنويا وردم الشقة وتعزيز الثقة لا تبادل الإتهامات والتشكيك المطلق في ولائهم ووطنيتهم بل والإساءة لهم ولذويهم كثيراً بوسائط التواصل مما جعل هناك عزوفًا والبعض منهم يفكر بجدية تامة في حزم أمتعته ومغادرة المهنة عبر بوابة الإستقالات.

The post اعتداءات في زمن الحظر..الشرطة في مواجهة العاصفة appeared first on باج نيوز.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.