الباقر عبد القيوم يكتب ..تحديات جهاز الأمن و المخابرات في إجتثاث الإرهاب بالحوار الفكري

0

همس الحروف

الباقر عبد القيوم علي

ظل السودان في مقدمة الدول التي تقف ضد الإرهاب بكل أشكاله ، وذلك وفق أساليب علمية مدروسة في معالجة كل أشكال التطرف عبر الحوارات الفكرية المتقدمة ضمن برامج مؤسسة تستند بصورة أساسية على المحاور الفكرية بعيداً عن الضوابط الأمنية ، حيث نجد أن السودان يتقدم غيره من دول المنطقة في معالجة الأفكار الغريبة والتي يتولد منها التطرف و يتفرخ منها الإرهابين في وسط الشباب الذين تشابهت عليهم الطرق و لم يجدوا جرعة الوعي الكافية التي تقيهم من الولوج في هذه الإنفاق المظلمة ، فجهاز الأمن و المخابرات السوداني قد أفرد مساحة واسعة إعتنت بدراسة هذه الظواهر الشاذة و الدخيلة على مجتمعنا ، وأنشأ لها أقسام متخصصة تعني بهذا الشأن ظلت تواكب التطور و الحداثة وفق نهج علمي مؤسس ، حيث توسع الجهاز في هذا الشأن عبر أكاديمية الدراسات الإستراتيجية و الأمنية و التي تعد من أميز الصروح العلمية الإستراتيجية في القارة السمراء ، و علاوة على ذلك الوعي الفطري للشعب السوداني الذي ظل منذ القدم يحترم الوسطية و الاعتدال ويرفض التطرف بكل أنواعه و أشكاله ، و يقف سداً منيعاً أمام أي مدرسة تؤسس للعنف والكراهية على أساس ديني .

بضربات إستباقية لبؤر الإرهاب إستطاع جهاز الأمن و المخابرات السوداني من تفكيك أنشطة بعض التنظيمات الإرهابية و إستطاع الجهاز من تجفيف منابعها بتأسيس تجارب الحوار الفكري المتطور مع الشباب الذين كان من الممكن أن يكون لديهم الإستعداد لإنضمامهم ضمن بعض المنظمات الإرهابية ، حيث لعب الفقر مع البطالة و قلة الوعي الديني الدور الأكبر في إنسياق الشباب في خط هذه المنظمات سيئة الذكر . حيث اصبح خطر الإرهاب يتجاوز الدولة و المنطقة المعينة و صار يهدد السلم المجتمعي و الأمن الدولي بأسره .

مكافحة الإرهاب أصبحت من أهم التحديات الإستراتيجية التي تتصدر أجندة أولويات هموم السودان و ذلك بالتعاون مع المجتمع الإقليمي و الدولي من أجل القضاء على كل ظواهر الإرهاب بأشكاله المختلفة و ذلك بإتباع السياسات المتخصصة مع التبادل المعلوماتي الذي بدوره سيؤدي إلى إجتثاث هذا الخطر من جذوره .

نظم جهاز الأمن و المخابرات السوداني ورشة تعد من أضخم الإنجازات في ظل قيادتة الحالية ، و كانت حول : (دور التحصين و المعالجة الفكرية في معالجة الإرهاب) ، حيث شرفها عدد من مدراء أجهزة الأمن ببعض الدول العربية و الأفريقية ، و أمنت الورشة على دور (السيسا) في مجابهة تحديات خطر الإرهاب والتطرف الذي خدمته بعض الظروف الناتجة من التعقيدات الأمنية و الإقتصادية التي تواجهها القارة السمراء و التي يتوقع إزديادها خصوصاً بعد الأزمة الروسيه الأوكرانية التي إنعكست ظلالها السالبة على الطاقة و الغذاء ، بالإضافة إلى ذلك إشكالات الهجرة غير الشرعية حيث لعبت البطالة و الفقر أهم الأسباب التي ساقت الشباب إلى ركوب مراكب الموت ، و ناقشت أيضاً الكثير من التعقيدات الأخري التي هيأت البيئة المناسبة للجريمة المنظمة و العابرة للحدود في ظل تداعيات عدم الإستقرار السياسي في بعض دول المنطقة ، و قد شكل الإرهاب الخطر الأول الذي يواجه دول المنطقة بأسرها و الذي بدوره سيؤدي إلى هدم بعض الدول و تفتيت مجتمعاتها بخلق الفوضى الخلاقة فيها .

منذ العام 2008 قطع جهاز الأمن و المخابرات السوداني شوطاً بعيداً في معالجة التطرف و الأفكار الهدامة بالحوار الفكري ، إلا أن سعادة الفريق أول أحمد إبراهيم مفضل مدير عام جهاز الأمن و المخابرات كانت له بصمته الواضحة في هذا الشأن حيث جعل من هذه القضية موضوع ضخم و إعتبرها من أهم القضايا الجوهرية ، و التي كانت تشكل مهدداً للسلم المجتمعي والامن الدولي ، و قد قام بتوفير البيئة الملائمة لأجل تطوير تجربة الحوار الفكري مع الذين لديهم إستعداد للإنخراط في صفوف الإرهابين ، و بسعي دؤوب و عمل متصل و عبر سواعد رجال لا يعرفون الكلل و لا الملل ظهر إنجازهم جلياً في معالجة القضية من جذورها ، فكرياً و ليس أمنياً ، فقورعت الأفكار بمثلها ، فالحجة كانت تقابلها الحجة و ذلك عبر وسائل وأدوات تحترم حقوق و كرامة الإنسان ، حتى تم تصحيح كثير من الأفكار الهدامة و إدراج أصحابها الذين إستجابوا لنتائج الحوار عن قناعة في المجتمع ليصبحوا بعد ذلك أناس فاعلين في البناء ، فهذا الدور العظيم الذي لعبه جهاز الأمن و المخابرات هو بلا شك يعتبر إنجازاً جوهرياً و خصوصاً في سرعة الإستجابة لهذه الأفكار المتطرفة و المنحرفة ، هذا الأنجاز يستحق الوقوف عنده و الإشادة به و دعمه بكل أشكال الدعم الممكنة مادياً و معنوياً و أدبياً لانه يعتبر من أضخم الإنجازات التي ستحد من تفريخ الإرهابيين ، وكما ستسهم في رد الشباب إلى صوابهم ، الشيء الذي سيرمي في أستقرار العالم أجمع تجاه قضية الإرهاب ، و قطعاً ستكون هذه التجربة ذات فائدة عظيمة لكل دول المنطقة و العالم أجمع ، و ستخلق رصيداً ضخماً في الكم و النوع المعرفي و الدارية و الخبرة التي ستتشكل منها مدرسة جديدة ذات شأن عظيم في وأد الأرهاب من جذوره بإذن الله تعالى في القريب العاجل .

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.