بلاغ الى الرأي العام .. تكدس المشارح بالجثامين و الحكومة في وضع المتفرج

0

همس الحروف

الباقر عبد القيوم علي

من أكبر التحديات ، التى طفحت على سطح المشهد بصورة مخيفة في السودان هذه الايام على خلفية التقاطعات السياسية و السباقات الأيدلوجية في معركة غير شريفة و غير متكافئة حيث أن أقوى أدوات الصراع المستخدمة فيها عبارة عن جثث الموتى الذين ساقتهم الأقدار ليكونو هم وقود هذه المعركة الأكثر قذارة على الإطلاق بمشارح ولاية الخرطوم ، و كل هذه الجريمة الصامتة ترتكب من أجل السعي في كسب بعض النقاط ضد الخصوم السياسيين دون وضع أدنى إعتبار لحرمات الموتي و حقوقهم الشرعية و القانونية ، و يشكل هذا الأمر أخطر جريمة في حق الإنسانية في تاريخ السودان الحديث ، فنجد أن هنالك أجسام مجتمعية تحول دون التعامل مع هذه الجثامين وفق ما تقتضيه المواقف الشرعية و الإنسانية ، مع الإحتفاظ بالحقوق القانونية وفق نتائج التشريح ، مما أدى ذلك السلوك السالب إلى تراكمها حتى فاقت أعدادها سعة المشارح التخزينية بنسبة تفوق حد التصور ، و تجاوزت 1200% ، فنجدأن الجثث قد تراكمت في مشارح ولاية الخرطوم بصورة تجاوزت كل الخطوط الحمراء التي تسمح بها الشريعة الإسلامية و كما تخطت كل الأعراف و حدود الإنسانية ، و ما زال أصحاب القرار بمنأى عن هذا المشهد الخطير و كأن الأمر لا يمت إليهم بصلة . و قد أصبح المتخصصون في مجال الطب العدلي يعيشون أخطر الظروف العملية التي ترتبط بسياقات هذا النوع من العمل الشرعي الذي يرتبط بالقانون ، فنجدهم لا يستطعون أن يتخطوه ، و لا يمتلكون أي حيلة أخرى و كما ليس لديهم أي حلول ، لأن القرارات المتعلقة بهذا الأمر مرتبطة بالقوانين ، و ما زالت النيابة العامة في ثبات عظيم .

كل أفراد الشعب السوداني يعلمون تمام العلم أن تكلفة تخزين هذه الجثامين بصورة تحفظ آدميتها خارج مقدور كامل الشعب السوداني ، فإذا توفرت الثلاجات و السعة التخزينية تعثر وجود التيار الكهربائي المستقر ، و إذا توفرت مولدات الكهرباء إنعدم الوقود و إذا توفر الوقود من المؤكد سينعدم المال الكافي لشرائه ، و لهذا كان من الواجب تكوين فريق عمل مشترك من هذه الأجسام المجتمعية بالتعاون مع فرق الطب العدلي المعتمدة و النيابة العامة من أجل تشرح هذه الجثث و تثبيت كل حقوقها القانونية و الشرعية و إكرامها بمواراتها الثرى .

القاعدة الفقهية تقول الحكم على الأشياء فرع من تصورها ، و الحكمة ضالة المؤمن ، و لهذا كان من الواجب عدم ترك الحبل على القارب هكذا في هذا الأمر الذي يتعلق بحقوق الموتى حسب تصور قلة قليلة من أفراد هذا الشعب أسمت نفسها بأسماء مختلفة ، وحسب تقديراتهم التي بنيت على أسس غير شرعية بدوافع سياسية محضة ، و قد إنعدمت فيها الأعراف السودانية الأصيلة ، ونجدهم قاموا بإستخدام الترهيب ضد كل من أراد أن يبت في شأن هؤلاء الموتى ، و يتم ذلك بصورة غير مبررة وفق إعتقادات خاطئة ، بإعتبار أن كل هذا العدد من حصيلة هؤلاء الموتى (شهداء) و يطالبون السلطات النظامية بمحاكمة من تسبب في قتلهم مع العلم أن معظمهم ليس له علاقة بقضية الحراك الثوري ، و يعتقدون أيضاً أنهم بهذا التصرف الخاطي يحمون حقوق هؤلاء الشهداء ، حتى تحللت معظم الجثامين و ضاعت هويتها مما شكل ذلك أفبح جرم في حق هؤلا الشهداء على حسب إعتقادهم الخاطيء و الذي بموجبه ضاع الزمن المناسب لنتائج التشريح الإيجابية ، و كذلك من الممكن جداً أن يرتد السحر على الساحر و يقرأ هذا الأمر من زاوية أخري تحمل في ثنايها جريمة ضد هذه الاجسام الثورية بتعمدها لإخفاء معالم هذه الجثامين بالإهمال ، حتى لا تستطيع فرق الطب الشرعي من معرفة الأسباب الحقيقية للوفاة ، و هنا كل الطرفين متهم من قبل الآخر .

طيلة هذه الثلاث سنوات الماضية ظلت النيابة العامة تتجنب هذا الملف لشدة الترهيب الذي أطلقته بعض الأجسام الثورية تجاه من يحاول معالجة هذا الملف بصورة إيجابية ، و حيث أن هذا السلوك العدواني المتعمد كان من شأنه أن “يسبب حالة خوف ، و لهذا ظل هذا الملف ردحاً من الزمان مسكوتاً عنه حتى إنفجرت المشارح بهذا العدد الخرافي من الجثث التي فاقت سعتها بنسب خرافية ، و التي تحللت أغلبها حيث أصبح الأمر خطيراً و سيشكل كارثة بيئية و كما سيشكل جرماً عضال في حق الإنسانية و مخالفة لكل الأديان السماوية ، و لذا وجب على المجلس السيادي التدخل الفوري في حل هذه الأزمة الإنسانية و حفظ كرامة الموتي بإصدار قرار بدفنهم بعد إكمال إجراءات التشريح و إنهاء هذه الزوبعة التي تقوم علي أفترضات باطلة ، حيث ان دفن الميت لا يعني ضياع حقه ، و كمأ أن عدم الدفن لا يحفظ حق الميت بل سيكون سبباً في إذلال هؤلاء الموتي بعدم حفظ آدميتهم .. وفي حال عجز المجلس السيادي عن إتخاذ قرار حازم في هذه الخطوة التي خصمت من كرامتنا كبشر ، فعليه أن يعتذر للشعب بشجاعة و حينها سيكون للأغلبية الصامتة من الشعب (كلمة) .

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.