د. عبداللطيف عبدالله: مستقبل حكومة قوي الحرية والتغيير

0

مستقبل حكومة قوي الحرية والتغيير
بعد الإحتجاجات التي شهدها السودان في ديسمبر من 2018م بسبب الاوضاع الاقتصادية والضائقة المعيشية وشح الخبز والوقود وإنعدام النقود مما ادي الي اصطفاف المواطنين في صفوف امام المخابز ومحطات الوقود ونقاط صرف النقود (الصراف الالي ) والتي إستمرت حتي يناير من العام 2019م حيث شهد التوقيع علي ماعرف لاحقاً بميثاق الحرية والتغيير والذي وقعت عليه عدد (5) من الكتل السياسية كالاتي :
الاجماع الوطني.
نداء السودان.
التجمع الاتحادي.   
تجمع المهنيين السودانيين.
تجمع منظمات المجتمع المدني.
ويخلص ميثاقها الي العمل المشترك لإسقاط نظام الانقاذ الوطني برئاسة الرئيس الأسبق المشير/ عمر البشير.
اتاح لها هذا الميثاق لقوي اعلان الحرية والتغيير ان تدير وتنظم عملية الاحتجاجات حتي الانقلاب العسكري في 11 ابريل/2019م لتظهر بعدها كممثل للمدنيين في تشكيل الحكومة الإنتقالية التي جمعتها مه المجلس العسكري الإنتقالي بتوقيع الوثيقة الدستورية.
الوضع الراهن :
يتكون الهيكل الحكومى في السودان في الفترة الانتقالية وفقاً للوثيقة الدستورية من ثلاثه سلطات :
السلطة الأول :
المجلس السيادي ويضم (5) ممثلين من المجلس العسكري و (5) ممثلين من قوي الحرية والتغيير  يمثل كل واحداً منهم (واحدة من مكونات قوي الحرية والتغيير الموقعة علي الميثاق) بالإضافة الي شخصية عامة وهو العضو رقم (11) ووفقاً للوثيقة الدستورية فإن المجلس السيادي لايتمتع بأي سلطات تنفيذية بل يعتبر دورة شرفياً.
السلطة الثانية :
السلطة التنفيذية (مجلس الوزراء) ويتكون وفقاً للوثيقة الدستورية من رئيس الوزراء بالاضافة الي (20) وزير وهي الجهة التنفيذية الاولي في السودان .
السلطة الثالثة :
السلطة التشريعية ولم يتم تكوينها حتي الان واستعيض عنها بالاجتماع المشترك بين المجلس السيادي ومجلس الوزراء ، وهو وضع غير صحيح لإستقامة اداء الحكومة الانتقالية.
المستقبل السياسي :
في ضل التعبئة السياسية العالية والاستقطاب السياسي الحاد بين المكونات السياسية السودانية بصورة عامه وداخل قوي الحرية والتغيير بصورة خاصة يبدو المستقبل ضبابياً لسيما وان قوي الحرية والتغيير قد مارست  إقصائاً ممنهجاً ضد كل المجموعات السياسية التي لم تكن جزءاً من توقيع الميثاق في يناير 2019م مما انعكس سلباً علي اوضاع الحريات والديمقراطية في السودان بالاضافة الي الضعف الظاهر في ملف السلام وهو ما كان يفترض ان يتم حسمه في الشهور الست الاولي  من الفترة الانتقالية كذلك ادي هذا الاستقطاب السياسي الي الفشل في تكوين المجلس التشريعي حتي الان وبالتأكيد فإن كل هذا سينعكس مستقبلاً علي الواقع السياسي في السودان ومما ينذر بإضطراب العملية السياسية الكلية وتشير تحليلات السياسية الي امكانية تشضي قوي الحرية والتغيير خاصتاً في ظل الاختلاف الكبير بين احزاب كتلة نداء السودان وكتلة الاجماع الوطني والذي سيؤدي بالضرورة الي انهيار الحكومة الانتقالية واستلام المكون العسكري لمقاليد السلطة.
المستقبل الاقتصادي :
لم تبارح الازمة الاقتصادية والتي كانت وراء اندلاع الاحتجاجات التي ادت الي سقوط حكومة الانقاذ مكنها حتي الان بل ازداد الوضع سوءاً (إ{تفاع اسعار السلع الاستهلاكية بنسبة 150% – إرتفاع اسعار العملات الاجنية بنسبة 51% – ازمة في الخبز – ازمة في الوقود)
في ظل فشل الحكومة الانتقالية في استقطاب الدعم الاجنبي والذي تعتمد عليه في ميزانية 2020م بنسبة 53% مما ينبيئ بإنهيار اقتصادي وشيك يقول المحلليين الاقتصاديين انه لن يتجاوز ابريل من العام 2020م وذلك وفقاً لتصريحات وزير المالية والتخطيط الاقتصادي  د.ابراهيم البدوي عن ان مؤتمر اقتصاد السودان الذي انعقد في ديسمبر 2019م قد تكفل المشاركين فيه بسداد العجز في الموازنه واذا لم يحدث ذلك فبالضرورة ستعجز الحكومة عن الوفاء  بإلتزاماتها من توفير  المتطلبات الاساسية.
مستقبل العلاقات الخارجية :
منذ استلامها للسلطة كانت قوي الحرية والتغيير تتحدث عن قدرتها في التواصل مع العالم الخارجي بصورة كبيرة ومقدرتها علي اخراج السودان مما اسمته العزله الدولية  التي ادخلته فيها حكومة الانقاذ فبدأت بجولات خارجية مكثفة شملت اربعة قارات (اوربا – امريكا – اسيا – افريقيا) طافت من خلالها اكثر من (15) دولة ابرزها (الولايات المتحدة الامريكية – فرنسا – مصر – الامارات – السعودية) باءت كل هذه الزيارات بالفشل في تحقيق الاهداف التي كانت ترمو لها فعلي سبيل المثال لا الحصر فشلت حكومة قوي الحرية والتغيير في رفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للارهاب بل جاءت بنتائج عسكرية حيث التزم رئيس الوزراء د.عبدالله حمدوك بدفع تعضويات لاسر ضحايا العمليات الارهابية التي اتهم السودان بها حتي من دون صدور حكم اتهام من المحاكم الامريكية كما فشلت في استقطاب دعم مالي  او عيني من دول مثل الامارات والسعودية كما استطاعت علي سبيل المثال  وليس دولة مصر  التي استطاعت  في استطاب مبلغ 34 مليار دولار في عام واحد
سينعكس مستقبلاً كما يقول المراقبون للاوضاع في السودان علي مزيد من العزله الخارجية واستمرار بقاء السودان في قائمة الدول الراعية للارهاب وابعاد من المحافل الدولية.
المستقبل الامني والعسكري :
منذ 11 ابريل/2019م  كان جلياً سيطرة المكون العسكري علي مقالييد الحكم في السودان كيف لا والتغيير الذي تم يعتبر إنقلاباً بكل المقاييس فمنذ الوهله الاولي  واذاعة البيان من قبل وزير الدفاع السابق الفريق اول ركن / عوض بن عوف ومن ثم الضغط الذي تم من داخل المؤسسة العسكرية لاستبدال قائد الانقلاب بالفريق اول ركن / عبدالفتاح البرهان وكان واضحاً ايضاً لعب اصابع خارجية في التغيير ونشير هنا بوضوح الي ضلوع مثلث الامارات السعودية مصر في عملية التغيير وتجدر الاشارة هنا الي ان المكون العسكري  نفسه ليس علي قلب رجل واحد.
وفقاً لمراقبين ان هنالك صراع خفي بين المكونيين الرئيسيين للمجلس العسكري وهما القوات المسلحة والدعم السريع اذا ما استثنينا المكونيين الاخرين وهما جهاز الامن والمخابرات الوطني (تم تدجينه وتقليص صلاحياته وتحول الي جهاز المخابرات العامة) قوات الشرطة (شبة عسكرية واقرب الي المدنية) وهذا الصراع تلعب فيه ذات الايادي الخارجية دورا كبيراً مما يرجح حدوث انشقاق داخل المكون العسكري اذا ما تم دعم احدي المكونيين الرئيسيين علي حساب الاخر فمن ناحية تسعي الامارات لدعم سيطرة الدعم السريع لتحقيق اجندتها في السودان (المواني – المعادن – الحرب في اليمن وليبيا) بينما تسعي مصر لدعم القوات المسلحة لتحقيق استراتيجيتها في السيطرة علي ما تعتبره الحديقة الخلفية لها لتحيق اهدافها (مياه النيل – الحدود الجنوبية) واذا ما حدث هذا الانشقاق فمن المتوقع ان يتحول الي حرب لا يستطيع احد ان يتنبأ بنتائجها ، والجدير بالذكر هنا ان هذا الانقسام يجد دعماً من فريقين داخل مكونات قوي الحرية والتغييروفقاً للأجندات الخاصة بكل فريق والدول التي تشكل عما خارجياً لهم.
السيناريوهات المتوقعة :
انهيار الحكومة واستلام المكون العسكري للسلطة.
سقوط الحكومة الحالية وتكوين حكومة مدنية جديدة تقوم علي الكفاءات
انتخابات مبكرة.
الانشقاق داخل المكون العسكري وحدوث حرب اهلية.
حدوث مصالحة وطنية.
 
د. عبداللطيف عبدالله

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.