بالمنطق | صلاح الدين عووضة _ آدي دقني !!

0

الحرية نيوز :

أو آدي دأني..أو – بالفصحى – هذه ذقني…لحيتي..وأنطقها هكذا مجاراةً لمديرنا بثانوية حلفا – الأكاديمية – إذ رآنا نغني خارج الفصل..وفي الحقيقة كان بعضنا يغني…والبعض الآخر يتفرج..أما المغني – أو المطرب – فكان زميلنا صديق إبراهيم ؛ الموهوب في كل شيء عدا الدروس..في الكرة…في التمثيل…في التقليد…وفي التطريب..والأغنية كانت (زاهي في زيك في وسامتك آه….ما نحنا عايشين على ابتسامتك آه)..وكانت أغنية الموسم في ذياك الزمان النضير..و نص كلمات مديرنا الساخرة (آدي دأني لو فلحتم)..وفلحنا ؛ فلحنا في إسقاط نظام نميري..ولكنا لم نفلح في تغيير أوضاعنا – وأعني تغيير أوضاع بلادنا ككل – نحو الأفضل..وسقط – من بعد سقوط (مايو) – النظام الحزبي..وجاءت الإنقاذ فأسقطتنا في غياهب جبٍ سحيق – ثلاثين عاماً – إلى أن سقطت..ومن قبل سقطت شمولية عبود الأولى..ومن بعدها سقطت تجربتنا الديمقراطية الثانية…التي أعقبت سقوط الأولى..وهكذا حياتنا السياسية كلها سقوطٌ في سقوط..وكذلك الاقتصادية ؛ فكل عامٍ يُرذل جنيهنا…وتُرذل معه معيشتنا…ورغيفتنا…و كهربتنا..نحن في حالة سقوط مستمر منذ نحو سبعين سنة..وهذه نتيجة حتمية لحكم الساقطين ؛ فنحن – وبغرابة شديدة – لا يحكمنا إلا الساقطون..وكأنما هذا قدرنا…وهذا حظنا…وهذه قسمتنا..ولا نعني السقوط الأكاديمي ؛ وإنما الإداري…والسياسي…والأخلاقي…و الضميري..ننتج ثوراتٍ عظيمة…فتنتج – هي – حكوماتٍ عقيمة..وثورة ديسمبر هذه أعظم – من حيث التضحيات – من ثورتي أكتوبر وأبريل السابقتين..ولكنها أفرزت حكومة انتقالية أسوأ من سابقتيها..بل هي الأسوأ – على الإطلاق – من بين حكوماتنا كافة منذ الاستقلال.. الأسوأ من زاويتي الفشل…والبرود..فلا هي نجحت سياسياً ومعيشياً ؛ ولا نجحت – كذلك – أخلاقياً وضميرياً..فهي حكومة اُبتليت ببرود – ثلجي – يتقاصر دونه برودةً جبل الجليد الذي أغرق التايتانيك..بل نحن نغرق الآن – كما تايتانيك هذه – وحكومتنا (ولا عليها)..أو عليها فقط بنفسها ؛ إذ يصطرع أفرادها على المناصب…والمكاسب…و التحاصص..يختلفون على مغانم ذاتية…لا تهم الناس في شيء..يتشاكسون حول : حقي وحقك…ومكتبي ومكتبك…ونثريتي ونثريتك…وفارهتي وفارهتك..ويعزون أي فشل من تلقائهم إلى الفلول..فمشكلة الخبز سببها الفلول…ومشكلة الوقود سببها الفلول…ومشكلة المياه سببها الفلول..ويصنعون لكل شيء شماعة (فلولية) بمنطق لا يُقنع حتى الطير..طيب ما دخل الفلول – مثلاً – بالذي يفعله أردول الآن بلا رقيب…ولا حسيب…ولا عتيب؟..وما دخلهم – الفلول هؤلاء – بمحاصصاتٍ هي ضد الوثيقة الدستورية؟..وما دخلهم بتطاول ساعات القطع السخيفة للكهرباء كما لم يحدث من قبل أبداً؟..وما دخلهم برفض (الآكسنت)؟…والإصرار على الإنفينيتي؟..بل وما دخلهم بالفشل حتى في تكوين المجلس التشريعي الذي تنص عليه الوثيقة الدستورية؟..حتى العجز عن إنشاء البرلمان سببه الفلول؟..والبارحة كتبت خاطرةً على صفحتي بالفيس تحت عنوان (غلطان بعتذر) نصها كالآتي:ومستعد أغنيها لكم مع صلاح مصطفى (سامحني غلطان بعتذر)..هكذا قلت لمن عاتبوني أمس على مواقفي..أو على عدم تفهمي – حسب قولهم – للمعوقات الكيزانية…في طريق الفترة الانتقالية..قلت لهم : سأعتذر…وسأعبر…وسأنتصر..وسأردد معكم : كل الفشل بسبب فلول الدولة العميقة..سواء الفشل في توفير الخبز…أو الوقود…أو الكهرباء…أو المياه…أو العيش الكريم..والفشل – كذلك – في إعادة العافية إلى جسد جنيهنا المحتضر..فقط أقنعوني بشيء واحد :ما علاقة الفلول بالفشل – كذلك – حتى في الوفاء بالاستحقاق البرلماني؟..والذي هو منصوصٌ عليه دستوراً؟..ويتم التهرب منه في كل مرة؟…وآخرها الموعد الذي كان مضروباً في 25 مارس الماضي؟..فتلجلجوا…وتكبكبوا…ثم تبكموا..فسحبت اعتذاري الذي كنت وقد وعدتهم به حال إجابتهم – منطقياً – عن سؤالي هذا….لا غلطان أنا………ولا بعتذر..انتهت الخاطرة..وكما توقعت تماماً ؛ لم أجد ولا إجابة منطقية واحدة – ومقنعة – عن تساؤلي هذا..ببساطة لأنه ما من إجابة من أصله..أو توجد إجابة ولكن يتم التهرب منها – كهروب الحكومة هذا من البرلمان – لقبحها..فكما يقول المثل (الشينة منكورة)..فهروبهم هذا من قضية البرلمان لا تفسير له سوى تجنب الرقابة…والمساءلة…و المحاسبة..لا يريدون برلماناً يحول بينهم وبين أهواء نفوسهم..أو شبقهم الشهواني تجاه محاسن السلطة ؛ من نثريات…ومخصصات…و محاصصات..وكذلك من فارهات ؛ رغم ظروف البلاد…والعباد..ومن ثم لم أُضطر إلى أن أغني مع المبدع صلاح مصطفى (سامحني غلطان بعتذر)..كما غنينا مع زميل دراستنا صديق (زاهي في زيك)..ولكنا نقول لحكومتنا هذه – بشقيها المدني والعسكري – ما قاله لنا مديرنا في ذلكم اليوم..آدي دقني !!.
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.