سفينة بَوْح – هيثم الفضل (النماء) الأخلاقي

0

الحريه نيوز :

عندما أتابع ذلك الإحتفاء المُبالغ فيه ، بأحداث ووقائع وقيَّم وأخلاقيات ومباديء كانت عندنا في زمانٍ غابر (عادية) ولا تستحق الإلتفات ناهيك عن الإحتفاء ، تأخذني الحسرة على الوطن والإنسان السوداني الذي كان يوماً ما مثالاً (مُستغرباً) لدى العديد من الدول التي إغترب فيها في مجال الإعتداد بالفضائل والقيَّم والأخلاقيات النبيلة ، فقد كان من (العادي جداً) أن يكون الإنسان السوداني كريماً وأميناً وغيوراً وشُجاعاً وعادلاً ومؤثِراً للغير على نفسه ،

ولم نكن نحتاج في الماضي أن تضجُ أسافيرنا بالفخر والفرح والحبور لأن سعودياً شهد لراعي أغنام في أصقاع صحاري المملكة بأمانته وشجاعته لرفضه بيع خروف من قطيعهِ ثم يدعي لصاحبه إذا تساءل بأنه نفق في الصحراء ، هكذا كُنا وكان أسلافنا الذين علَّمونا أن الأمانة شرف الرجل والعفةُ والحياءُ شيمةُ النساءِ القادرات على هدَّ الجبال صبراً وعزيمةً إذا إدلهمت الأحوال ،

وكذلك كنا بالنسبة للأجانب إذا ما عاشرونا نموذجاً لا يرتقي لمصاف ما دار في خيالهم عن فضيلة التكاتُف والتعاضُد الإجتماعي خصوصاً في أوقات الشِدة ، ودون إعتداد بالتماثُل العرقي والإثني والعقائدي ولا حتى الثقافي.أقول ما سبق وأنا أسترجع إحتفاء الأجهزة الإعلامية والصُحف ووسائل التواصل الإجتماعي ، بخبر رفع الحصانة عن مسئولين حكوميين (يُعتقد) ضلوعهم في عمليات لتهريب الذهب عبر العديد من المعابر وفي مقدمتها مطار الخرطوم ،

وذلك بطلب من السيد / مبارك أردول مدير عام الشركة السودانية للموارد المعدنية المحدودة ، نعم وعلى ما يبدو أن إستطالة عهود الظلم والهوان والفساد المُتنامي وإعتقال مبدأ تطبيق العدل (حصرياً) في حق الضعفاء والمساكين وفاقدي (المنصب والنفوذ) ، قد جعل الشعب السوداني ومنصاته الإعلامية والإجتماعية (تستغرب وتندهش) من فكرة أن العدالة هذه المرة ستتسود على الجميع بما فيهم أصحاب النفوذ والمُستقوين بالمناصب والمُسميات الوظيفية البرَّاقة ،

وكيف لنا أن نزهو بأن ثورة ديسمبر المجيدة رفعت شعارها السامي (حرية – سلام – عدالة) ، ولم تزل إنطباعاتنا عن العدالة (المُطلقة) لا تراوح إعتقادنا بأن القطط السمان لن يسري عليهم القانون ولن تُطبَّق فيهم العدالة ، إن التنمية المُستدامة المنشودة لهذا الوطن وهذا الشعب لا يتوقف مفهومها عند الإرتقاء الإقتصادي والمعيشي ،

بل يمتد إلى الإرتقاء (بثقة) المواطن السوداني و(حُسن ظنه) في المنظومة العدلية وقُدرتها على نُصرة الحق ومحاسبة المُجرم مهما علا شأنهُ وإرتفعت قيمة منصبه وقوة نفوذه ، شكراً لله وللوطن وللشعب السوداني البطل على توفيرهِ هذه السانحة (للنماء) الأخلاقي والقيَّمي الذي بدت إشراقاته تسطُع في عهد الحرية والسلام والعدالة الشاملة.
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.