الدواء..تأزيم المأزوم | بشفافية – حيدر المكاشفي

0

الحريه نيوز تقدم لكم :

الدواء..تأزيم المأزوم | بشفافية – حيدر المكاشفي

يبدو أن من وصفوا حكومة الفترة الانتقالية بأنها تطبق سياسات النظام المخلوع بحذافيرها كانوا على حق، فبعد تحرير الوقود هاهي كما تقول بعض الانباء تتجه لتحرير اسعار الدواء الذي يشهد شحا كبيرا وغلاءا فاحشا للقليل المتوفر منه،

ولو صدق هذا الخبر المزعج لا قدر الله، فان الشارع العام سيشهد ذات الظواهر المحزنة التي تنفطر لها القلوب حين اقدم النظام المباد على تحرير اسعار الدواء، اذ لم تمض سوى هنيهات على قرار تحرير أسعار الدواء عامها، حتى وجد جميع المرضى أنفسهم أمام واقع جديد ومرير ومهمة شاقة وعسيرة وهي كيفية تدبير المبالغ الجديدة المطلوبة لسعر أدويتهم التي تضاعفت اضعافا مضاعفة، وعجزت الغالبية العظمى منهم من شراء حاجتهم من الدواء، واحتشد مشهد الشارع العام بعشرات الحكايات المحزنة عن هذه المأساة، ولم تسقط عن الذاكرة صورة المواطن أنور محمود التي طارت بها الاسافير، اذ لم يجد هذا المواطن المريض حلا يوفر له الدواء الذي يحتاجه، غير ان يقف في عرض الشارع ويحمل لافتة كتب عليها الدواء الذي يتعاطاه يعرضها على المارة من الراكبين والسابلة عل احدهم يفرج كربته،

وغيرها الكثير من مثل هذه القصص المحزنة..هذا هو المآل المنتظر اذا ما طبقت الحكومة قرار تحرير اسعار الدواء، بل ان مناظر هذا الفيلم التراجيدي المحزن قد بدأت فعلا، فقد بعث لي صديق بهذه الحكاية المحزنة التي تنذر بالخطر، قال (كنا قاعدين في البنك ومنتظرين الدور للسحب، وفي كمية من اعمامك أصحاب المعاشات والموظفين قاعدين في انتظار دورهم، عمنا من المعاشيين كان بتكلم بالتلفون مع زول وبقول ليه العملية بكرة وانا هسي جيت البنك اسحب المعاش لكن برضو ما بتم قروش عملية البت، المعاش كله ٣ ونص والعمليه ب ٨ ياخ انت ديني الخمسة الناقصة دي وباقي الشهر بتجازف بس المهم هسي العملية،دوري جا نادوني ونادوا جمبي في الشباك التاني زول كان قاعد جمب عمك البتكلم بالتلفون، الزول وقف للصراف ومرق ليه ٨ الف قال ليهو نادي عمك داك يجي يسحب ولمن يسألك من الرصيد بتاعو زيد عليه ال ٨ دي وقول ليه دي فروقات قديمة نزلت في حسابك ومرق من الشباك وطلع وانا مرقت مع وصول عمك للشباك ولا زال دمع العين منسكب) انتهت رواية هذا الصديق وبقيت العبرة والعبرات من هذه الرواية، فكما قيض الله هذا المحسن الفاضل لفك كربة المعاشي الممحون، ربما يقيض الله لمرضى آخرين من يفرج كربتهم الدوائية،

ولكن رغم أن كل هذا يعد عملا مجتمعيا تكافليا محمودا، الا أنه يبقى محدودا جدا ولمرة واحدة ومع مريض واحد، ولهذا فان خطورة تحرير الدواء انها تعني تحرير المرض، فمع كتابة قرار تحرير أسعار الدواء كأنما كتب على الناس أن لا يمرضوا، وإذا مرضوا فما عليهم إلا أن يتحملوا مسؤولية مرضهم كاملة في انتظار إحدى الحسنيين، إما شفاء يهبط عليهم من السماء بقدرة العزيز المقتدر الشافي من كل وباء والكافي من كل بلاء، أو يسلمون الروح إلى الرؤوف الغفور الرحمن الرحيم .. ولا حول ولا قوة إلا بالله.
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.