للعطر افتضاح | د. مزمل أبو القاسم مصادرة وقف تعليمي!

0

* عندما اختارت قوى الحرية والتغيير الأستاذ أحمد ربيع للتوقيع بالإنابة عنها على الوثيقة الدستورية؛ رأينا في ذلك الاختيار تكريماً لكل المعلمين، وإعلاءً لراية قطاع التعليم، ولفتةً ذكيةً ومحمودة، تشير إلى أن حكامنا الجدد عازمون على إعادة التعليم سيرته الأولى.

* كتبنا يومها ما يلي: (هو مجرد توقيع بالأحرف الأولى في ظاهره، لكن باطنه يحمل مدلولاتٍ في غاية الأهمية، تومئ بها قوى الحرية والتغيير إلى أنها عازمة على العناية بالتعليم، وراغبة في إصلاح شأنه، ومعالجة عيوبه، واستكمال نواقصه، وتطوير مناهجه، وتحسين بيئته، وعامدةً إلى العناية بالمعلمين، الذين يعانون الأمرَّين من ضعف المخصصات، وهزال المرتبات، وغياب المعينات اللازمة لتوصيل الرسالة النبيلة).

* بعد مرور أكثر من عام يؤسفنا أن نُقِر بأننا كنا متفائلين أكثر من اللازم، لأن ما حاق بالتعليم خلال الشهور الماضية موجع ومفجع.

* عجزت وزارة التربية والتوجيه ومن خلفها المركز القومي للمناهج عن تجهيز وطباعة المنهج الجديد لمرحلة الأساس، ولم تحتط للفشل بطباعة المنهج الحالي، فبقيت المدارس مغلقة، وتم تأجيل موعد بداية العام الدراسي إلى خواتيم نوفمبر المقبل، وبشرَّنا، بل أوعدنا د. القراي باحتمال إلغاء العام الدراسي كله بسبب شُح الخبز وتفشي الغلاء وغياب المواصلات.

* رمى فشله وإخفاق وزارته على عاتق الظروف الاقتصادية بعد أن ملأ الآفاق جعجعةً وعويلا.

* في بواكير الشهر الحالي أقدمت وزارة التربية والتعليم بولاية الخرطوم على إغلاق ست مدارس خاصة، تضم أكثر من خمسة آلاف طالب، بادعاء أنها خالفت لائحةً عفا عليها الزمن، ولم تتوصل إلى اتفاق مرضٍ حول الرسوم الدراسية مع (قِلة) من أولياء الأمور.

* أتت ثالثة الأثافي بمصادرة مدارس الشيخ مصطفى الأمين والاستيلاء على أثاثاتها وممتلكاتها، وضمها إلى الوزارة بلا سابق إنذار!

* المدارس المصادرة (وقفية)، شيدها الشيخ الراحل الشيخ مصطفى الأمين من حُر ماله، واختار أن يُقبر في إحداها، وأنفق عليها في حياته بسخاء، وخلفه أبناؤه في دعمها بإحسان، وأحسنوا إدارة الوقف الذي وفر تعليماً متميزاً لمئات الآلاف من التلاميذ على مدى السنوات.

* مثل تلك القرارات الرعناء الهوجاء العشوائية؛ لم تحدث في أكثر عهود السودان شموليةً، وأشدها دكتاتوريةً وتسلطاً وعنفاً.

* لم يضيفوا إلى التعليم العام أي جديدٍ مفيد، بل عطلوا مسيرته وأغلقوا مدارسه وهددوا طلابه بتجميد العام الدراسي للمرة الأولى في تاريخ السودان الحديث، ثم انثنوا على التعليم الخاص فشتتوا شمله، وشردوا تلاميذه، وأغلقوا مدارسه بالشرطة والشمع الأحمر، مثلما حدث لمدارس كبيدة قبل أيام من الآن.

* نسأل الأستاذ أحمد ربيع، ألمثل هذا جئتم؟

* هل يحقق هذا الحصاد الأسود وعودكم المتعلقة بتطوير التعليم وزيادة الإنفاق عليه، وتحسين بيئته المنهارة؟

* هل يتحقق التطوير بإغلاق المدارس، ومصادرة أثاثاتها، وإلغاء تصديقاتها، وحرمان تلاميذها من حقهم الدستوري في التعليم؟

* لماذا تقدم الوزارة على مصادرة مدارس وقفية تقبل آلاف التلاميذ برسومٍ رمزيةٍ، ينفق ناظر الوقف وأشقاؤه أضعافها لتحسين بيئتها الدراسية؟

* إلى متى يواصل والي الخرطوم صمته الغريب على التخريب المنظم الذي يحدث لقطاع التعليم في ولايته، وهل يشرفه أن تغلق المدارس في عهده بالشرطة، وتُصادر بلا سبب؟

* كيف يصدر بياناً عن واقعة تتصل باعتداء بضعة نظاميين على سائق عربة تحمل أسطواناتٍ للغاز، ولا يحفل بالاعتداء بالإغلاق والمصادرة على مدارس وقفية وخاصة أنها تحوي آلاف التلاميذ؟

* راحت وعود تغيير المنهج وتحسين البيئة التعليمية وتقديم الوجبة المدرسية المجانية شمار في مرقة، ولم يحصد التعليم إلا الإغلاق وسحب التراخيص والتعدي على المدارس الوقفية بالمصادرة.. حسبنا الله ونعم الوكيل!!
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.