سفينة بَوْح | هيثم الفضل التقييم المُحايِّد ..!

0

بعض الأحيان تُسيطِّر الضغينة السياسية في مُجريات تحليل الأحداث والوقائع التي تعالجها الحكومة الإنتقالية عند الكثير من المعارضين ، ومن الطبيعي أن يصدُر هذا (الهرج) من (عامة) الناس ، ولكن أن يكون هذا هو الدأب الدائم (لقامات) سياسية وفكرية لها تاريخها ومقامها الشخصي والمهني ، فذاك ما لا يمكن السكوتُ عليه أو التغاضي عن ما يختبيء في بواطنهِ من (مكرٍ) و(خُبث) لا يليق بأصحاب المقامات السياسية والحاصلين على ما أسموه تاريخاً نضالياً طالما تباهوا به في الكثير من المنابر المهرجانية التي لم تكن تخرج محاور أجنداتها أبداً عن مفاهيم إرساء العدالة والإنحياز إلى ما فيه المصلحة العامة والإعتراف بالحق المُطلق بلا تسويف ولا مُداهنة ولو إحتوت مضامينهُ إعترافاً للخصم بفضيلة السير في طريق الصواب.

تناوشتني هذه الأفكار عن الحيادية والنزاهة في الحُكم على الأشياء بعيداً عن تاثير الضغائن والخلافات السياسية ، عندما كثُر إطلاعي هذه الأيام على (إلحاح) الكثيرين من معارضي الحكومة الإنتقالية ونُقادها على وصم الدكتور عبد الله حمدوك وحكومته بالتركيز (الآحادي) الذي لا توازيه (البدائل) في إجمال حلول المشاكل الإقتصادية التي يعانيها الوطن عبر محورين ، هما حذف إسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب والتطبيع مع دولة إسرائيل (بالرغم من الموقف الواضح الذي أعلنهُ حمدوك من موضوع التطبيع ) ، وهُم كعادة المُقعِدين للهِمم عن السير في إتجاه إنجاز الحلول ، يستميتون في أن يجدوا ولو قدراً يسيراً من الأخطاء والعيوب في هذا السعي الدؤوب نحو حذف إسم السودان من قائمة الدول الراعية للأرهاب ، فلم يجدوا نقداً أو تبخيساً في هذا المضمار غير (إفتراض) أن دولة رئيس الوزراء (لايعي) ولا يعتد بالمسارات الأخرى للحلول ، وفي مقدمتها تنمية وتطوير سُبل الإستغلال الأمثل لموارد البلاد والتي لا يختلف إثنان في كونها غزيرة وواعدة وغنية ، ولكن مَنْ الذي يستطيع أن يجزم أن هذا الإستغلال لا يحتاج إلى (تهيئة) البيئة الصالحة لإنفاذه في أرض الواقع عبر فتح باب الإستثمارات الأجنبية على مصراعيه دون قيود ، وعبر تذليل العقبات التي حالت دون دخول التكنولوجيا الزراعية والصناعية جرَّاء الحظر الإقتصادي ، هذا فضلاً عن مثول الحلول الجذرية للمشكلات اللوجستية التي جابهتها حركة التنمية وإستمرارية المشاريع الإستراتيجية والمُتمثِّلة في إستجلاب قطع الغيار والمُعينات الآلية بأسعارها الحقيقية وعبر الوسائل الطبيعية والمباشرة غير المُكلِّفة ، والتي كانت سبباً رئيسياً في إنهيار الكثير من المشاريع الوطنية الكُبرى كمشروع الجزيرة والنقل النهري والخطوط البحرية وسودانير وسكك حديد السودان وغيرها.

مَنْ يُراهِن على أن التنمية ورفع مستويات الإنتاج الداخلي عبر الإستغلال الأمثل للموارد ، يحتاج بشِدة إلى الإنفتاح غير المشروط على العالم إقتصادياً ، بلا قيود سياسية ولا فنية ولا بنكية ولا إستثمارية ، إلا إذا كان من يدعي غير ذلك شحيح الطموح وقصير النظر بالقدر الذي يجعل مُجمل مطالبه في سجال الإنتاج الداخلي مُجرَّد الإكتفاء الذاتي المُهدَّد بالتوقُف في كل حين جرَّاء إبتعاد السودان عن المنظومة الإقتصادية العالمية ، والمنظمات الدولية الراعية والمانحة في مجال تمويل مشاريع التنمية الإقتصادية والإجتماعية ، والتي ظل السودان محروماً من خيراتها لسنوات عديدة بسبب تواجد إسمهُ في هذا القائمة المشبوهة التي ورَّطتهُ فيها الطموحات التوسُّعية والعبثية للحركة الإسلامية السودانية إبان حُكم الإنقاذ البغيض.
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.