موقف تجمع المهنيين من اتفاق السلام.. تحليق خارج مسارات الرؤية المهنية

0

تجمع المهنيين الجديد ظل يسعى لإضعاف موقف الجبهة الثورية ومصادرة حقها في مخاطب جذور الأزمات

عبدالرحمن المشرف: قرارات المهنيين أضحت مبنية على تقديرات سياسية خاطئة ويشوبها التخبطالخرطوم: عبدالناصر الحاجكثير من الخبراء والمراقبين لملف الحرب والسلام في السودان، يرون إن الخبرات التراكمية في إدارة التفاوض حول السلام والتي حازت عليها حركات الكفاح المسلح، من خلال خوضها لتجارب عديدة في التفاوض مع منظومة النظام البائد، تجعلها قطعاً مؤهلة تماماً للإجابة عن ماهية المنهج التفاوضي الذي تتبعه بغية الوصول لسلام شامل يخاطب جذور الأزمة وينهي صفحات النزاع والاحتراب، وهو ذات الأمر الذي جعل النظام البائد يخسر كل رهانته في توقيع سلام مع هذه المجموعات التي تبقت دون الوصول إلى اتفاق إلى آخر يوم قبل الحادي والثلاثون من أغسطس المنصرم، ومما يقدح في منطق التفكير الذي يتبناه الآن تجمع المهنيين السودانيين عبر سكرتاريته الجديدة في نقد تجربة توقيع السلام مع الجبهة الثورية في جوبا خواتيم أغسطس، بأنها مجرد اتفاق محاصصة سياسية واقتسام للسلطة والثروة ، مثلها مثل الاتفاقيات التي وقعها النظام البائد مع عدد من المجموعات المسلحة قديماً، بحسبان أن فصائل الجبهة الثورية التي وقعت السلام مع الحكومة الانتقالية، هي نفسها الفصائل التي فاوضت من قبل نظام المخلوع البشير، ولو كانت حقاً لا يعنيها غير المحاصصة والاستوزار، إذاً لأفلح نظام البشير في شرائها وجلبها للخرطوم ومنحها إمتيازات أكبر بكثير من تلك التي منحها لهم منبر جوبا.هجوم المهنيينشن تجمع المهنيين السودانيين هجوماً عنيفاً على اتفاق سلام جوبا، ووصف التجمع الاتفاق بأنه نسخة بالكربون من الاتفاقات المجربة التي تمت بين النظام البائد والحركات في منابر مختلفة، مؤكداً بان الاتفاق أعاد انتاج النظام البائد بلاعبين جدد، وقال عضو سكرتارية تجمع المهنيين السودانيين حسن فاروق في تصريح لـ”الجريدة” إن الاتفاق لا يعبر عن السلام ولم يجد أي صدى في الشارع، واعتبر أن ما تم في جوبا هو توقيع مع جنرالات حرب ليس لديهم قوات على الأرض، وإنما لديهم مصالح قديمة معلومة منذ بداية الثورة وأيام اعتصام القيادة العامة، وزاد فاروق بأن هؤلاء الجنرالات كانوا يقودون خط التسوية مع العسكر والمليشيات في الوقت الذي يتمسك فيه الثوار داخل الاعتصام برفض التفاوض معهم، واتهم فاروق نداء السودان بأنه من بدأ ما وصفه بالمسرحية، وذلك عندما بدأ يتحرك بأجندة معروفة بدأت تتكشف كل يوم، وتابع : “ثم أعقب ذلك موقف الجبهة الثورية عندما طالبت بنصيب من الكيكة وطرحت عدد المقاعد التي ترغب بها في مجالس السيادة والوزراء والتشريعي في لقاء أديس أبابا. ووصف فاروق الاتفاق بأنه نتاج تقاطعات ومصالح داخلية وخارجية لمحاور دولية لقطع الطريق أمام الثورة، وخلق الواقع الحالي الذي أكد أنه يمثل مصالح طبقة محددة، ورداً على مقولة السلام سمح، علق بأنه لم يخرج أحد للترحيب بالاتفاق، لا من الشارع ولا من أصحاب المصلحة، لأن الاتفاق لم يخاطب جذور الأزمة .خطوة سابقةفي يوليو الماضي، وقّعت الحركة الشعبية – شمال، بقيادة عبدالعزيز الحلو وتجمع المهنيين السودانيين في عاصمة جنوب السوان جوبا، على مذكرة للإعلان السياسي تقضي بعمل الأطراف كقوة سياسية في المرحلة المقبلة. وأكد الاتفاق على ضرورة فصل الدين عن الدولة، وأن تبقى الدولة على مسافة واحدة من كل الأديان. كما اتفقت الحركة الشعبية وتجمع المهنيين على ضرورة وجودِ مبادئ فوق دستورية لا يتم خرقُها أو تعديلُها. ودعا الطرفان إلى نقل ملف التفاوض من المجلس السيادي إلى مجلس الوزراء. وقتها، كان وفد من تجمُّع المهنيين قد وصل، في خواتيم يوليو الماضي، إلى جوبا في زيارة لإجراء لقاءات مع الحركة الشعبية شمال بقيادة عبد العزيز الحلو. وضم وفد التجمع كلاً من الفاتح حسين، وإسراء إسماعيل، وصلاح الدين جعفر. وقال التجمع إن وفد التجمُّع سيبحث مع الحركة الشعبية آفاق العمل المشترك ودعم المطالب الشعبية بإحلال السلام الشامل وترسيخ التحول الديمقراطي. وحينها قُوبلت خطوة التجمع باستهجان من قبل عدد مقدر من بقية المكونات السياسية باعتبار أن تجمع المهنيين انخرط في قضايا سياسية معقدة غير تلك القضايا النقابية التي كانت تنتظر دوراً فاعلاً من تجمع المهنيين، وتخوف كثير من المراقبين بأن تنعكس الخطوة سلباً على المحادثات التي تجريها الحكومة الانتقالية مع فصائل الجبهة الثورية بمساراتها المتعددة، وأن يُفهم من تلك الخطوة بأنها تصب في خانة التمييز غير الحميد لمفهوم الكفاح المسلح عموماً وأدواره التي بذلت في خط التغيير وإسقاط النظام البائد.الخط المُضادوتعقيباً على رؤية تجمع المهنيين حول ما تم انجازه في جوبا، صوب عضو الوفد المفاوض باسم مسار الوسط، محمد عبدالرحمن المشرف، انتقادات شديدة اللهجة لتجمع المهنيين، وقال محدثاً (الجريدة) إن القرارات التي يستند عليها تجمع المهنيين في الفترة الأخيرة، جلها مبنية على تقديرات سياسية خاطئة ويشوبها التخبط، ونوه المشرف إلى أن السكرتارية الجديدة لتجمع المهنيين كل يوم تُثبت بأنها فعلا مختطفة من قبل مجموعات محددة لها آراء سياسية تغرد خارج مسارات الإئتلاف الحكومي الحاكم, ودلل المشرف على مذكرة التفاهم أو يعرف بالإعلان السياسي الموقع أخيراً بين حركة عبد العزيز الحلو وتجمع المهنيين، ووصفه المشرف بأنه كان ينطوي على نوايا للتمييز المُخل ويقدح في وطنية بقية الحركات التي حملت السلاح ضد النظام البائد لسنين عددا، وأوضح المشرف بأن تجمع المهنيين ظل يتجه لجعل نفسه بمثابة كتلة سياسية وليست كتلة مهنية, مشيراً إلى أن النقد الموضوعي لكل ماتم انجازه في منبر جوبا يمكن أن يكون مقبولا، في حال تقديم رؤية تفاوضية منهجية بديلة للرؤية التي فاوضت بها الجبهة الثورية، مؤكداً بأن رؤية تجمع المهنيين لم تكن صائبة وغارقة في فرضية غياب المنهج الاستراتيجي ، وفيما يتعلق بنتائج اتفاق السلام التي انتقدها تجمع المهنيين، قال المشرف، إن الحوار حول موضوع السلطة كان في آخر الترتيبات في جدول المحادثات، وهو نتيجة طبيعية , وأن موضوع الشراكة في السلطة يعتبر من ضمن أبجديات التفاوض , مضيفاً بأن العدالة هي القيمة التي ظلت تبحث عنها الحركات المسلحة طيلة سنوات الحرب، بحسبان أن الحركات كانت خارج مركز المشاركة في القرار السياسي , وأن الذي تحقق بفعل اتفاق السلام مع الجبهة الثورية كان مرتكزاً على قضايا النازحين وضحايا الحروب وتعقيدات التنمية في تلك المناطق، مشيراً إلى أن تجمع المهنيين ترك الملعب الخاص بقضايا النقابات وتفرغ لخلق المشاكل منخرطاً في خط محمد جلال هاشم ومحمد يوسف أحمد المصطفى.حق أريد به باطلالحديث عن المحاصصة هو كلمة حق أريد بها باطل، هكذا ابتدر عضو الوفد المفاوض بالحركة الشعبية شمال فصيل مالك عقار، الحاج بخيت حديثه لـ(الجريدة) من عاصمة دولة جنوب السودان جوبا، وقال الحاج بخيت أن رأي تجمع المهنيين للأسف سالب جداً عن ما تم تحقيقه في منبر جوبا، وأن حديثه عن أن السلام كان مجرد محاصصات فهذا رأي غير سليم ولا يستند إلى منطق، ولأن المحاصصات التي يتحدث عنها تجمع المهنيين لم تكن غائبة حينما تم توقيع الوثيقة الدستورية ، وأكد الحاج بخيت بأن تجمع المهنيين هو أصبح أحد الأدوات المستغلة سياسياً تفاجأ بأن الجبهة الثورية نجحت في انجاز السلام رغم كل التعقيدات التي لازمت التفاوض لمدة تسعة شهور، مؤكداً بأنهم في الجبهة الثورية صبروا على تحقيق سلام يلبي تطلعات السودانيون جميعهم ويخاطب القضايا القومية وجذور المشاكل في مناطق الحروب، وأنهم عملوا على صياغة وثيقة سلام للأجيال القادمة دون النظر إلى مصالحهم هم الخاصة. واتهم الحاج بخيت تجمع المهنيين بأنه يعمل بالتناغم مع حركة عبدالعزيز الحلو التي تريد إضعاف موقف الجبهة الثورية من السلام ، ومصادرة حقها في مخاطبة جذور الأزمات، وأنهم في الجبهة الثورية يدركون ذلك جيداً، وأبدى الحاج بخيت اندهاشه من موقف التجمع الذي كان حرياً به دعم ومساندة السلام الذي تحقق تحت ظلال الثورة السودانية والتي لولاها لما كان هناك سلاماً ولا عدالة ولا حرية
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.