قلت من قبل واكرر ان من أهم واجبات الحكومة الانتقالية العمل الجاد لوضع المادة (62 ) من الوثيقة الدستورية التي كفلت استقلال الجامعات والبحث العلمي موضع التنفيذ، وتحريرهما بشكل كامل من السيطرة الحكومية التى هبطت بالتعليم العالي الى أدنى مستوى وتلاعبت بقوانينه ومناهجه وقيمه وقواعده وكل شئ فيه لصالح تحقيق اهداف النظام البائد وسيطرته على كامل المنظومة التعليمية في مجال التعليم العالي من اعلى الهرم الى ادناه، مع السيطرة الكاملة للأجهزة الأمنية والكتائب الجهادية على كل شئ، من المدير الى الغفير.
تسجيل الدخول
تسجيل الدخول
استعادة كلمة المرور الخاصة بك.
كلمة المرور سترسل إليك بالبريد الإلكتروني.
* لمن لا يعرف فلقد كان غلق وفتح الجامعة وتحديد موعد الإمتحانات ومنح الدرجات العلمية في يد الأجهزة الأمنية والكتائب الجهادية في الجامعات، كما كان نجاح وفشل الكثيرين يتحدد بتأييدهم للنظام ومشاركتهم في القوافل الجهادية أو معارضتهم للنظام البائد، حتى ولو لم يجلسوا للإمتحانات، أو كانوا من المتفوقين المميزين. * لم تكن الامتحانات أو القواعد الأكاديمية هى التي تحدد النجاح أو الحصول على الدرجة الجامعية وفوق الجامعية في أحايين كثيرة، وإنما التأييد للنظام. وكان الحصول على وظيفة سواء في هيئة التدريس او غيرها يخضع لنفس الشرط. كلنا نعرف ونرى كيف تكاثر حاملو الدرجات فوق الجامعية تكاثر البعوض بعد الخريف بسبب غياب القواعد الاكاديمية، وعندما غابت القواعد غابت الاخلاق وساد سوق بيع الشهادات، وانتشر التزييف على مرأى ومسمع من الجميع، وصرنا نرى كثيرين سودانيين وغير سودانيين (خاصة من دول الخليج) يحصلون على شهادات جامعية وفوق الجامعية بدون ان يعرفوا موقع الجامعة التي اشتروا منها الشهادة، أو شكل الأستاذ الذي أشرف على البحث، حتى صرنا مضرب المثل في الانحطاط الأكاديمي، والمقصد لكل أفاك يسعى لتحسين صورته القبيحة بشهادة جامعية او فوق جامعية يشتريها من بلادنا جاهزة وموثقة ومثبتة في كل السجلات الرسمية، ولا يستطيع كائن من كان أن يطعن في صحتها بينما هي (مزورة)، لا فرق بينها وبين الشهادة التى زورها مجرم محترف في مجال التزوير سوى وجودها في السجلات الرسمية مما يجعلها اخطر كثيرا من الشهادة المزورة التي يمكن اثبات تزويرها بالرجوع الى السجلات، ومن المؤسف أن الذين يقفون وراء هذه الجريمة النكراء عدد لا يستهان به من أساتذة وموظفي الجامعات جريا وراء المال، ويحدث ذلك تحت مرأى ومسمع من السلطات ومشاركتها ومباركتها. لقد حان الوقت لوضع حد لهذه الجريمة البشعة التى اضاعت تقاليدنا الجامعية الراسخة، وطعنت كرامتنا الاكاديمية في القلب !!* مشاكل وتعقيدات ومفاسد كبيرة في مجال التعليم العالي أغرقنا فيها النظام البائد .. خذ مثلا نظام القبول لمؤسسات التعليم العالي، هل يعقل أن يلتحق الطالب بالكلية التي يتقدم إليها اعتمادا على نسبة النجاح فقط بدون وجود معايير اخرى خاصة للقبول بهذه الكلية حسب طبيعتها، كما يحدث في كل دول العالم المتقدم ؟!* ومثال آخر، ما يسمى بمطلوبات الجامعة التي تفرض على الطالب دراسة مواد ليس لها علاقة البتة بنوع دراسته أو المؤهل الذي سيحصل عليه عند التخرج، وتبديد سنة دراسية كاملة خصما على المواد الاساسية. هذه المطلوبات مكانها مؤسسات التعليم العام أو بعض الكليات ولكن ليس كل الكليات. كما أنها تسببت في إفراغ مؤسسات التعليم العام من خيرة المدرسين الذين فضلوا الخروج منها والالتحاق بالجامعات لتحسين ظروفهم المعيشية مما أسهم في تدهور التعليم العام. حدث نفس الشيء في المؤسسات البحثية التي خرج منها الباحثون لسد العجز في وظائف التعليم العالي، فمات البحث العلمي وهو الركيزة الأساسية للنمو والتطور.* التعليم العالي والبحث العلمي في حاجة الى ثورة شاملة تقضى على الكارثة الكبيرة التى اطلق عليها النظام البائد (ثورة التعليم)، فدمرت التعليم والقيم والاخلاق. أول عناصر هذه الثورة هو تحرير التعليم العالى من الخفافيش والفاسدين .. والهيمنة الحكومية