حديث المدينة |عثمان ميرغني .. إلى الوالي أيمن نمر

0

الخرطوم ليست كأي ولاية أخرى، فهي ولاية “VIP” تتشرف بضيوف السودان في السفارات والمنظمات والشركات الأجنبية و ضيوف السودان الكبار من رؤساء دول أو أقل منهم قليلا الذين يزرون بلادنا.. علاوة على ذلك فهي الولاية التي يسكنها حاليا ربع السودان و يتوقع قريبا أن يكون واحد من كل ثلاثة سودانيين مقيم في الخرطوم.ولأنها ولاية مختلفة فنتمنى أن يكون اختير لها والي مختلف، فوالي الخرطوم هو محط أنظار السودانيين حتى من سكان الولايات الأخرى، له نجومية خاصة، وتحيط به الأضواء في حله وترحاله، وترصد وتسجل كل كلمة ينطق بها.الآن ضربة البداية التي اختارها والي الخرطوم الجديد أيمن خالد هي (حملة!) لإزالة النفايات والمخلفات من أحياء العاصمة وربما كل الولاية، وهي بداية صحيحة من حيث ترتيب الأولويات لكنها خاطئة من حيث المنهج!في علم الادارة نظرية معروفة منسوبة للرئيس الأمريكي ايزنهاور.. تشرح هذه النظرية كيف أن بعض (الانجازات) هي في الأصل مجرد (خداع)! تمنح الاحساس بعمل مكتمل لكنه في الحقيقة مضيعة للمال والجهد والوقت!صحيح بعد تنفيذ الحملة ستجد آلاف الـ”لايكات” في وسائط التواصل الاجتماعي، ولكنها حالة فرح موقوتة حالما ترتد في الاتجاه المعاكس، فحملة النظافة هذه قريبة الشبه بما تفعله المحليات كل عام قبل موسم الأمطار، تجتهد في فتح “الخيران” والمجاري وتهيئة سبل تصريف المياه، وقبل أن ينتهي الخريف تعود “المخلفات إلى مجاريها” وتغلقها تماما .. وتضيع مئات المليارات التي دفعت للمقاولين لإنجاز عمل يقع في صميم “مربع الخداع”.لا أقصد بحديثي هذا ايقاف حملة النظافة وازالة المخالفات، لا، بل أقصد أمرا آخر أرجو من السيد والي الخرطوم أن ينظر اليه باهتمام.دع الحملة تواصل عملها، لكن اترك رئاستها لموظف تنفيذي آخر، لا تشغل نفسك بها، لا داع لحكاية أن الوالي هو رئيس حملة النظافة، أسحب نفسك منها ومن تفاصيلها تماما، واسترخ على مقعدك بكل أريحية واستدع بعض الخبراء والمختصين في مجال نظافة المدن.. وأشرع فورا في وضع خطة لتفويض شركة أو هيئة أو مؤسسة تتولى بصفة مستديمة نظافة الولاية.. هناك عدد كبير من الخبراء السودانيين في الداخل والخارج قادرون تخطيط أعظم نظام للنظافة لا يكتفي بجعل الخرطوم أجمل وأنظف عاصمة بل يحول المخلفات إلى طاقة كهربائية ويعيد تدوير كثير منها لتصبح في بند الايرادات لا المصروفات.. ولأن مثل هذه النظم تستفيد كثيرا من النفايات فهي لا تكلف الحكومة جنيها واحدا، قد تكون على نظام الـ”بوت” أو غيره، بل لو فتحت الولاية فرصة التنافس الحر لوجدت عشرات الشركات تنتظر في الصف فرصة الفوز بنظافة الخرطوم.. هذا الامر يقرره الخبراء لأنهم أدرى بالصيغة المناسبة، هل تكون شركة واحدة لكل الولاية، أم شركة لكل محلية؟سيدي الوالي أيمن نمر، أسحب نفسك من هذه الحملة ولا تنشغل بـ”مربع الخداع”، أتركها لموظف تنفيذي..النظافة لا يمكن أبدا أن تكون (حملة) .. هي عملية مستمرة.التيار
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.