
متابعات-الحرية نيوز-شهدت أسواق المال السودانية تطورات ملحوظة في أسعار صرف العملات الأجنبية، حيث أصدر بنك الخرطوم نشرة أسعار الصرف الرسمية ليوم الإثنين الموافق 21 أبريل 2025، والتي أظهرت استقرارًا نسبيًا في أسعار العملات الرئيسية مقارنة بالأيام الماضية، في وقت تواصل فيه أسعار العملات الأجنبية بالسوق الموازي ارتفاعها بصورة كبيرة، مما يعكس حالة من التباين الحاد بين السعر الرسمي والسعر الفعلي في السوق.
أسعار العملات في بنك الخرطوم
وبحسب نشرة بنك الخرطوم، فقد بلغ سعر صرف الدولار الأمريكي مقابل الجنيه السوداني 2020 جنيهًا للشراء و2035.15 جنيهًا للبيع، فيما بلغ سعر اليورو 2289.26 جنيهًا للشراء عبر التحويل، و2306.44 جنيهًا للبيع. أما الجنيه الإسترليني، فسجل 2665.59 جنيهًا للتحويل و2685.59 جنيهًا للبيع، في حين بلغ سعر الريال السعودي 575.49 جنيهًا للشراء و579.82 جنيهًا للبيع، وسجل الدرهم الإماراتي 577.14 جنيهًا للشراء و581.48 جنيهًا للبيع.
ورغم هذا الاستقرار النسبي في السوق الرسمي، إلا أن الأسعار في السوق الموازي تروي قصة مختلفة تمامًا. فقد أفادت مصادر مصرفية وشهود عيان في سوق النقد الأجنبي أن الدولار الأمريكي يُتداول حاليًا بأسعار تتراوح ما بين 2850 إلى 3000 جنيهًا، فيما بلغ سعر اليورو ما بين 3150 إلى 3250 جنيهًا، والجنيه الإسترليني تجاوز 3850 جنيهًا، ما يعني أن الفجوة بين السعر الرسمي والسعر في السوق الموازي تتراوح بين 800 إلى 1300 جنيه حسب العملة.
هذا التباين الحاد يُعزى إلى عدة عوامل أبرزها استمرار الحرب في البلاد، وتدهور الثقة في الجهاز المصرفي، إلى جانب صعوبة الحصول على النقد الأجنبي عبر القنوات الرسمية، الأمر الذي يدفع المواطنين والتجار على حد سواء للجوء إلى السوق الأسود لتلبية احتياجاتهم، سواء كان ذلك لأغراض التجارة أو السفر أو العلاج بالخارج.
وفي حديثه لـ”الصحيفة”، أشار الخبير الاقتصادي الدكتور محمد الأمين إلى أن استمرار هذه الفجوة بين السعرين الرسمي والموازي يُمثل أحد أخطر التحديات التي تواجه الاقتصاد السوداني في الوقت الراهن. وقال: “تعدد أسعار الصرف يُضعف السياسات النقدية ويُعزز من عمليات التهريب وغسيل الأموال، ويقلل من تنافسية الصادرات السودانية”.
وأضاف الأمين أن “الحل يكمن في توحيد سعر الصرف تدريجيًا، وتحرير سوق النقد الأجنبي ضمن خطة اقتصادية واضحة، مع توفير الحوافز للتحويلات عبر النظام المصرفي الرسمي”.
ويواجه بنك الخرطوم، مثل باقي المصارف السودانية، تحديات كبيرة في توفير العملة الأجنبية، في ظل خروج العديد من القطاعات الإنتاجية عن الخدمة وتراجع احتياطات النقد الأجنبي نتيجة للانكماش الاقتصادي الحاد الذي تعاني منه البلاد، والذي فاقمته الحرب المستمرة منذ أبريل 2023.
ورغم الجهود التي تبذلها السلطات المالية في السودان للسيطرة على السوق، عبر تحديد أسعار رسمية للنقد الأجنبي، إلا أن شح المعروض وزيادة الطلب، إضافة إلى غياب الاستقرار الأمني والسياسي، يجعل هذه الجهود محدودة التأثير.
ويرى مراقبون أن الوضع الراهن يتطلب إجراءات طارئة وشاملة، تتضمن إعادة هيكلة النظام المصرفي، وتوسيع قاعدة الصادرات، وتشجيع تحويلات المغتربين، وتفعيل الاتفاقيات الثنائية مع الدول الشقيقة والصديقة لتوفير التمويل اللازم وتخفيف الضغط على سوق النقد الأجنبي.
وفي السياق ذاته، أكد مصدر مسؤول ببنك السودان المركزي – فضّل عدم الكشف عن هويته – أن البنك يتابع التطورات بدقة، ويعمل على وضع معالجات قصيرة وطويلة الأمد بالتعاون مع وزارة المالية والجهات الأمنية. وأضاف أن “المرحلة المقبلة ستشهد إدخال أدوات رقابية جديدة وفتح نافذة إلكترونية لتحويلات المغتربين بأسعار مجزية”.
على صعيد متصل، أعرب عدد من المواطنين عن تذمرهم من استمرار ارتفاع أسعار العملات، مشيرين إلى أن ذلك يُلقي بظلاله على أسعار السلع والخدمات، حيث تشهد الأسواق موجات متتالية من التضخم وارتفاع الأسعار، لا سيما في المواد الغذائية والأدوية والوقود.
يقول المواطن عبد العزيز الطيب، وهو تاجر مستورد لمواد البناء، إن استمرار تذبذب أسعار العملات يُعقد من عملهم ويُكبدهم خسائر كبيرة. وأضاف: “نحن نشتري العملة من السوق الأسود بأسعار مرتفعة، مما ينعكس على أسعار السلع التي نبيعها للمستهلك النهائي، ويؤدي إلى تراجع في الطلب وحالة ركود”.
وفي ظل هذه الأوضاع، تبقى آمال السودانيين معلقة على تحسن الأوضاع السياسية والأمنية، وعودة الاستقرار الذي يُمهّد لإصلاحات اقتصادية جذرية تُسهم في إنقاذ الجنيه السوداني من الانهيار، وتُعيد الثقة بالنظام المصرفي، وتدعم الجهود الرامية لتعافي الاقتصاد الوطني.
إلى حين ذلك، يُتوقع أن تواصل أسعار العملات الأجنبية ارتفاعها بالسوق الموازي، ما لم تُتخذ إجراءات اقتصادية فعالة على أرض الواقع.
بنك الخرطوم موقف أسعار العملات الأجنبية مقابل الجنيه السوداني اليوم الإثنين 21 أبريل 2025م
