اخبارمقالات الرأي

“خيانة الجيرة: قصة أسرة جنجويدية في قلب الخرطوم”

متابعات-الحرية نيوز

عاشت هي وزوجها غفير المدرسة الابتدائية بعد نزوحهما من مناطقهم في دارفور، التي ضربها الجفاف منتصف ثمانينات القرن الماضي. استقروا وسط سكان الحي الذي كانت تتوسطه المدرسة، حيث استوعبتهم كغفراء. كان هذا الحي العريق في العاصمة الخرطوم يضم أقارب وأصهار ونسابة، قبل أن يكونوا جيرانًا.

 

كان الزوج رجلًا خفيف الظل، وبساطته المحببة جعلت أهل الحي يستقبلونه بترحاب وود. توفي الزوج في سن مبكر، تاركًا إياها أرملةً مع خمسة من الأبناء والبنات الصغار. منذ وفاة الزوج، أصبحت هي أختًا لكل سكان الحي، وأبناؤها أصبحوا أبناءً لكل سكانه، الذين أحاطوهم بالرعاية والإحسان.

 

ظلت على غفارة المدرسة تسكن في ذات المنزل في طرف المدرسة، واستمرت تحت رعاية أهل الحي حتى كبر الأبناء ونالوا قدرًا معقولًا من التعليم الذي سمح لهم بالعمل والتجارة. كبرت البنات أيضًا ونلن نفس فرصة التعليم، حتى أن إحدى البنات أصبحت مدرسة في ذات المدرسة.

للحق، لم يرَ جيرانهم في الحي ما يسوؤهم، ومع جمال البنات وملاحتهم، تزوجن من شباب من أهل الحي، وتزوج أحد الأبناء من شابة من أهل الحي أيضًا. انتقلت الأسرة من المنزل الملحق بطرف المدرسة إلى بيوت أخرى في الحي، وتحسنت أحوالهم كغالب أهل الحي. كانت حياتهم تشبه حياة معظم السودانيين.

لكن تمرد الخائن حميدتي على الدولة السودانية واعتداء مرتزقته على دماء وأعراض وأموال السودانيين، نال من الحي العريق وأهله نصيبًا من عدوان عصابة حميدتي. المؤسف أن هذه الأسرة التي عاشت وسط أهل الحي لأكثر من 40 سنة، وتربى أبناؤها مع أبناء الحي وقاسموهم الطعام والشراب والعشرة والجيرة، انخرطت بالكامل مع عصابة حميدتي على أساس العرق والقبيلة، متجاهلةً الجيرة والعشرة الطويلة وحتى النسب.

 

أصبح أحد الأبناء من قيادات التمرد، بينما أصبح الآخر من أكبر التجار في منهوبات جيرانه. البنات، بحكم مخالطتهن لنساء الحي والأسر والبيوت، قدمن معلومات عن جيرانهن، وتولى أخوهن تنفيذ ذلك. بعد أن حرر الجيش الحي العريق، فرّ بعض أفراد الأسرة إلى جنوب السودان آخذين معهم الثروة الهائلة التي كونها من نهب جيرانهم والتجارة في المنهوبات.

 

أما الأم وإحدى البنات، فقد تسللت إلى مصر، حيث ورد أنهما اقتنيتا شقة في أحد أحياء العاصمة المصرية القاهرة. الملاحظ أن هذه الأسرة لم تفر نحو ديارهم في دارفور، فهم لا يعرفونها ولا تعرفهم. وأتصور أنهم في مخابئهم في القاهرة وجوبا يعيشون وسط بقية السودانيين اللاجئين من عدوان عصابة حميدتي، فليس في هذه الأسرة ما يميزها عنهم من ملامح أو لغة أو ثقافة أو عادات غير العرق، والعرق دساس.

 

تسببت وشايات هذه الأسرة الخبيثة في موت عدد من أبناء الحي العريق المختطفين في سجون عصابة دقلو، ومن بينهم أنسباء لهذه الأسرة.

بقلم: ريماز محمد

اضغط هنا للانضمام الى مجموعاتنا في واتساب

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى