اخباراقتصاد

كيف ستؤثرالحرب العالمية التجارية التي أعلنها ترامب على السودان؟

متابعات-الحرية نيوز

متابعات-الحرية نيوز-أعلن الرئيس الأمريكي  دونالد ترامب اليوم عن إجراءات جمركية مشددة تستهدف جميع الدول المصدرة إلى الولايات المتحدة، مما يمثل تصعيدًا اقتصاديًا غير مسبوق قد يربك الأسواق العالمية ويهدد استقرار النظام الاقتصادي الدولي الذي تأسس بعد الحرب العالمية الثانية. هذه الخطوة من شأنها أن تؤدي إلى اختلالات في سلاسل الإمداد العالمية، وزيادة في معدلات التضخم، وتصاعد التوترات التجارية بين القوى الكبرى، مما قد يؤدي إلى تحولات جيوسياسية كبرى في المستقبل القريب.

التأثيرات السلبية على الاقتصاد الأمريكي والعالمي

رغم أن هذه السياسة تهدف إلى حماية الاقتصاد الأمريكي، فإن لها تداعيات سلبية خطيرة، من بينها:

  • ارتفاع تكاليف المعيشة والتضخم بسبب زيادة تكلفة المنتجات المستوردة.
  • إضعاف الدور القيادي للدولار في الاقتصاد العالمي، حيث قد تلجأ الدول المتضررة إلى البحث عن بدائل مالية وتقليل الاعتماد على الدولار.
  • زيادة العزلة الاقتصادية للولايات المتحدة مما قد يضعف نفوذها على الساحة الدولية.

ماذا عن السودان؟ تأثير محدود لكن تحولات استراتيجية قادمة

 

بالنسبة للسودان، فإن تأثير الحرب الاقتصادية التي أعلنها ترامب يظل محدودًا للغاية، ويرجع ذلك إلى عدة عوامل:

  1. ضعف حجم الصادرات السودانية إلى الولايات المتحدة:
    • السودان لا يعد من كبار المصدّرين إلى أمريكا، حيث بلغت قيمة صادراته إلى الولايات المتحدة 13.4 مليون دولار فقط في العام الماضي، وهو رقم متواضع للغاية مقارنة بدول أخرى.
    • أكثر من 90% من هذه الصادرات تتكون من الصمغ العربي، وهو منتج لا بديل له في الأسواق العالمية، مما يعني أن فرض جمارك بنسبة 10% عليه لن يؤثر بشكل كبير على الطلب أو الأسعار.
  2. عدم ارتباط السودان بأسواق المال العالمية:
    • التقلبات المتوقعة في أسواق الأسهم والبورصات العالمية لن يكون لها تأثير يُذكر على السودان، لأنه خارج هذه المنظومة أصلاً.
    • السودان لا يعتمد على القروض الدولية أو التمويل الخارجي الكبير، وبالتالي فإن أي اضطرابات في هذا القطاع لن تؤثر عليه بشكل مباشر.
  3. السودان خارج منظومة المعونات الأمريكية:
    • بالنظر إلى أن السودان لم يكن مستفيدًا من المعونات الأمريكية بشكل ملحوظ، فإن السياسات الاقتصادية الجديدة لترامب لن تخلق فارقًا كبيرًا في هذا الجانب.

الفرص المتاحة للسودان في ظل النظام الاقتصادي العالمي الجديد

رغم التأثيرات المباشرة المحدودة، فإن السودان قد يستفيد على المدى الطويل من التغيرات الجيوسياسية والاقتصادية التي ستترتب على تفكك النظام العالمي الأحادي القطبية الذي تقوده الولايات المتحدة. من أبرز هذه الفرص:

  • التوجه نحو تحالفات اقتصادية جديدة مثل:
    • مجموعة بريكس (BRICS) التي تضم الصين، روسيا، الهند، البرازيل، وجنوب أفريقيا، والتي تسعى إلى بناء نظام اقتصادي بديل للنظام الغربي.
    • رابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان) التي تشهد نموًا اقتصاديًا متسارعًا.
    • منطقة التجارة الحرة القارية الأفريقية التي يمكن أن توفر فرصًا تجارية جديدة للسودان داخل القارة.
    • السوق المشتركة لأمريكا الجنوبية (ميركوسور) كبديل محتمل لتعزيز الشراكات الاقتصادية.

هذه التحولات تعني أن السودان لن يكون مضطرًا للارتهان اقتصاديًا للغرب وحده، بل يمكنه تنويع شراكاته والاستفادة من علاقات اقتصادية أكثر مرونة وتنافسية.

التحدي الأساسي: هل يستطيع السودان الاستفادة من هذه الفرصة؟

لكي يتمكن السودان من الاستفادة الفعالة من التحولات الاقتصادية العالمية القادمة، فإنه بحاجة إلى قيادة سياسية واقتصادية تمتلك رؤية استراتيجية وتتفادى الأخطاء التي وقع فيها خلال الفترات السابقة، مثل:

  • التبعية العمياء للنظام الغربي كما حدث خلال بعض فترات الحكم الانتقالي.
  • الشعارات الشعبوية الفارغة التي عطّلت التنمية، مثل سياسات العزلة الاقتصادية التي تبناها نظام البشير.

إذا استطاع السودان استغلال هذه الفرصة بذكاء، فإنه قد يجد نفسه في موقع اقتصادي أقوى، مستفيدًا من نظام عالمي أكثر تعددية، حيث يمكنه المناورة بين مختلف القوى الاقتصادية العالمية لتحقيق مصالحه.

ختاما

إعلان ترامب الحرب الاقتصادية على العالم سيكون له تأثير مدمر على الاقتصاد العالمي، لكنه لن يكون له تأثير يُذكر على السودان في المدى القريب، نظرًا لمحدودية التجارة بين البلدين. ومع ذلك، فإن السودان قد يستفيد استراتيجيًا إذا نجح في التكيف مع نظام عالمي جديد متعدد الأقطاب، يوفر له فرصًا اقتصادية وتجارية أفضل بعيدًا عن الهيمنة الاقتصادية الأمريكية. المفتاح هنا هو وجود قيادة سياسية تستطيع استثمار هذه التحولات لصالح البلاد بدلًا من أن تكون ضحية لها.

اضغط هنا للانضمام الى مجموعاتنا في واتساب

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى