عباءة التحالف لم تعد تتسع للتباين بين عسكورى و اردول
التحالف لم يخسر رئيسه فقط ، بل خسر الفكرة التى قام عليها
عسكورى فى رسالته بدا زاهدآ اكثر منه غاضبآ ، مترجلآ طوعآ حفاظآ على قناعاته و مواقفه
بينما يتمسك عسكورى بالتحالفات القائمة و العمل على اصلاحها ، يتطلع اردول للتحالفات القادمة
دون ضجيج ( او مناكفات ) تخلى عسكورى عن رئاسة حزب التحالف الديمقراطى للعدالة الاجتماعية ، اعلن ذلك فى رسالة قصيرة ، فقال تحت عنوان بعيدآ عنهم .. قريبآ منهم ( بعد قرابة الاربعة عقود امضيتها في العمل الحزبي، وبالنظر لما افرزته الحرب الحالية من تقاطعات حادة في المجتمع وبين القوي السياسية المختلفة، أجد نفسي اليوم راغبا في الابتعاد عن العمل الحزبي والمواصلة كمستقل بعيدا عن الكوابح والالتزامات الحزبية ، اود ان انتهز هذه الفرصة لاعبر لكل الاخوة والاخوات من مختلف الاحزاب والحركات المسلحة الذين عملت معهم في اوقات مختلفة لسنين طويلة، عن شكري وتقديري لهم. اتفقنا في كثير من القضايا واختلفنا في بعضها وبقيت مساحات الاحترام بيننا متينة .. ساستمر في نشاطى وكتاباتى من منطلق قومى صرف وتبقي مواقفي المعلنة خاصة من الصراع الحالي ثابتة لن تتغير ) .
التحالف الديمقراطي للعدالة الاجتماعية عقد اجتماعآ لقيادات المكتب التنفيذى فى غياب الرئيس ، و قرر تجميد صلاحيات علي عسكوري كرئيس للتحالف في 20 مارس الماضى ونقل سلطاته الى رئيس المكتب السياسي ، عوضآ عن تكليف احد نوابه ، وهى احدى النقاط التى اسستند عليها عسكورى لاصدار قرارات مضادة طاعنآ فى شرعية قرار تجميده وهو رئيس منتخب ، و بغض النظر عن صحة قرار تجميد رئيس التحالف ، او عدم صحته ، جرت عدة محاولات لاصلاح ذات البين ، هذه المحاولات فشلت لاسباب تتعلق بجوهر الاختلاف بين الرئيس عسكورى و الامين العام اردول ، وهى خلافات جوهرية تتعلق برؤية ( الطرفين ) لدور التحالف و موقفه من التحالفات السياسية، فبينما يتمسك عسكورى بالتحالفات القائمة و يعمل على اصلاحها ، يتطلع اردول للتحالفات القادمة .
عسكورى فى رسالته بدا زاهدآ اكثر منه غاضبآ ، و فى تقديرى ان عباءة التحالف الديمقراطى للعدالة الاجتماعية لم تعد تتسع للتباين بين ( الطرفين ) ، و دون تقليل لشأن قيادات نحترمها فى التحالف فقد كان عسكورى و اردول ركيزتى التحالف ، و ارتبطت فاعليته بنشاطهما و دورهما وسط القوى السياسية ، و عليه فأن ترجل عسكورى طائعآ مختارآ يجب النظر اليها فى اطار تمسكه بقناعاته ، مع احترام كبير لابتعاده عن امراض الاحزاب السودانية فى عمل كيان ( نسخة ) من نفس الحزب او تعلقه بالاسم و اتخاذه لافته سياسية .
هذه مناسبة لمناقشة موضوع الاقصاء المزدوج الذى تمارسه احزابنا و الذى اوصلنا الى عشرات الاسماء المتناسلة ، و يينطبق هذا على حركات الكفاح المسلح ( 8 يبدأ اسمها بالعدل و المساواة ، و عشرات من تحرير السودان ) ، 8 حزب و تيار تحت اسم الاتحادى ، 6 حزب من احزاب الامة ، 4 احزاب بعثية ، 2 مؤتمر سودانى ، 2 تيار الوسط ، 2 جمهورى ، شيوعى و حق ، و اسلاميين ( حركة اسلامية ، مؤتمر شعبى ، مؤتمر وطنى ، اصلاح ) ، بلا شك ان احزابنا و حركاتنا لا تحتمل ولا تحترم الرأى الآخر ، و انها فضلآ عن اقصاء بعضها البعض ، تقصى عضويتها بحجج واهية و دون اى تقيد باللوائح و النظام الاساسى الذى ينظم عملها ، و بالطبع تسرف فى تخوين الاخر و تدمغه بالاتهامات و كأنه عدو ، و لم يكن بالامس قائدآ و رمزآ .
فى اطار الاصلاح السياسى و الحزبى يمكن لهذه التجمعات ان تتوحد فى كيانات كبيرة ، على الاقل فان مجموعة احزاب الامة و الاتحادى تبدو اقرب الى ذلك ، و نظريآ يكون هناك حزب امة واحد ، و اتحادى واحد ، البعثيين و الناصريين ربما يكونوا حزبآ او تحالفآ يجمعهم مع الحزب الشيوعى ، الحركات المسلحة تكون تحالف او جبهة واحدة ، الاسلاميين يكونوا جسمآ واحدآ ، و معلوم ان هناك محاولات جرت وفق هذا الافتراض و لكنها فشلت ، الحركات المسلحة و بعد ان تتحول الى احزاب ربما تجد بينها قواسم مشتركة فيما بينها او مع اى من التكوينات الاخرى .
على هذه الاحزاب المنقسمة ان تدرك لمرة اخيرة انها تحتاج الى ان تجد لها قواسم مشتركة تتوحد خلفها ، و ذلك ضرورى لبقاءها حية تسعى ، خاصة بعد تورط بعضها فى التحالف او الموالاة مع المليشيا المتمردة ، و ان استعادة علاقتها مع الشعب تبدأ من تصحيح هذه المواقف ، ربما تكون هذه المواعين الاوسع طريقآ معقولآ لتجديد الافكار و الآليات، احزاب ما قبل الحرب لا تصلح لما بعد الحرب ، خاصة حلفاء التمرد و اصحاب المواقف الرمادية ، التحية للاستاذ عسكورى صاحب المواقف الصلبة .
3 ابريل 2024م