جريدة بريطانية : لماذا ألغت مصر تسهيلات العبور وطالبت بتأشيرات دخول للسودانيين؟

0

جريدة بريطانية : لماذا ألغت مصر تسهيلات العبور وطالبت بتأشيرات دخول للسودانيين؟

أوصت القنصلية في مدينة حلفا بعدم السماح بدخول أي أحد سواء كان طفلاً أو سيدة أو رجلاً إلى مصر من دون موافقة مسبقة

في الوقت الذي يستمر فيه الصراع بين قوات الدعم السريع والجيش السوداني الذي تفجر منتصف أبريل (نيسان)، ما زال آلاف الأسر والشباب والرجال يحاولون العبور من مناطق النزاع إلى مناطق أكثر أمناً.

أكثر من 200 ألف سوداني توجهوا شمالاً نحو الجارة مصر التي قدمت تسهيلات لدخولها منذ اندلاع فتيل الأزمة في السودان، لكن الأمور بدأت تسوء بعد تكدس آلاف الأسر في المعابر السودانية – المصرية، فما الأسباب؟

منذ سنوات طويلة وبحسب اتفاقيات دبلوماسية بين البلدين (القاهرة والخرطوم) كان يسمح بدخول الأطفال والنساء إلى مصر من دون تأشيرة دخول، والشباب بين سن 16 و49 سنة يحتاجون إلى تأشيرة دخول وتمنح لهم مجاناً.

إلى جانب تأشيرة الدخول المجانية للرجال والدخول من دون تأشيرة للنساء والأطفال، قدمت مصر تسهيلات أخرى متمثلة في الدخول بوثيقة سفر للسيدات والأطفال، والدخول بجوازات منتهية وممددة بخط اليد، ويمكن للأطفال الذين لا يملكون جوازات سفر مستقلة الدخول بواسطة جواز الأب أو الأم.

وبين ليلة وضحاها تم إلغاء كل تلك التسهيلات وأوصت القنصلية المصرية في مدينة حلفا في السودان بعدم السماح بدخول أي أحد سواء كان طفلاً أو سيدة أو رجلاً إلى مصر من دون تأشيرة. واشترطت ضرورة الحصول على تأشيرة دخول وجواز سفر سارٍ للجميع.

هذا الإجراء الجديد شكل صدمة لآلاف العالقين في المعابر وفي مدينة حلفا، بخاصة أن هنالك آلاف الشباب ينتظرون دورهم للحصول على تأشيرة دخول إلى مصر منذ أكثر من شهر وسط بطء في الإجراءات.

أنشطة غير مشروعة

المتحدث باسم وزارة الخارجية المصرية أحمد أبوزيد قال في تصريح صحافي إن “مصر وضعت سياسة جديدة تطالب جميع السودانيين بالحصول على تأشيرات قبل دخول البلاد، بعد اكتشاف أنشطة غير مشروعة منها إصدار تأشيرات مزورة”.

وأوضح أن “تلك الإجراءات ليس الغرض منها منع أو الحد من أعداد المواطنين السودانيين الوافدين، إذ إن مصر استقبلت أكثر من 200 ألف سوداني منذ اندلاع الأزمة”.

وعن طبيعة “الأنشطة المخلة” قال أبوزيد إنه “قد لوحظ خلال الفترة الماضية انتشار لأنشطة غير قانونية يقوم بها أفراد ومجموعات على الجانب السوداني من الحدود، تزور تأشيرات الدخول إلى مصر بغرض الربح، مستغلة حاجة المواطنين السودانيين إلى القدوم لمصر والنوايا الطيبة للجانب المصري في التجاوب واستيعاب التدفقات الكبيرة للوافدين. ونتيجة لذلك استحدثت السلطات المصرية إجراءات تنظيمية تعتمد على التأشيرات المميكنة لمواجهة تلك الجرائم، وتم تزويد القنصليات المصرية في السودان بالأجهزة الإلكترونية اللازمة لتنفيذ تلك الإجراءات بشكل دقيق وسريع ومؤمن، يضمن وصول المواطنين السودانيين إلى مصر بشكل منظم”.

لكن هذه القرارات لاقت استنكاراً واسعاً من السودانيين الذين يريدون السفر إلى مصر هرباً من الحرب المشتعلة في بلادهم.

ويرى غالبيتهم أنها قاسية بخاصة أنهم يمرون بأوقات حرجة ومن الصعب وقوف الأطفال والنساء وكبار السن لفترات طويلة في صفوف الانتظار أمام القنصلية المصرية بوادي حلفا للحصول على تأشيرة الدخول.

في هذا الصدد قال أستاذ العلاقات الدولية حمزة الفاضل “من حق أي دولة أن تنظم عمليات الدخول إلى أراضيها خصوصاً في حال لاحظت عمليات تزوير أو غيرها من الأمور التي تهدد أمنها القومي، ومصر ترى أن تأشيرة الدخول للجميع ستساعدها في السيطرة على الأعداد الوافدة إلى بلادهم والتي تجاوزت 200 ألف فرد، ومن المتوقع أن يصل عددهم إلى مليون شخص في فترة قصيرة في حال عدم توقف إطلاق النار في الخرطوم”.

ويضيف الفاضل أن “الأعداد التي دخلت مصر سيتم مراجعة بياناتها وستكون عملية الحصول على التأشيرة للأعداد التي في الانتظار سهلة، إذ تم فتح باب التقديم للتأشيرات منذ يوم السبت”.

وعن عدم رغبة مصر في استقبال أعداد أخرى من السودانيين، أكد الفاضل أن “القاهرة لو كانت غير راغبة في استقبال أعداد أخرى من السودانيين لأغلقت حدودها بذريعة التزوير والخوف من دخول مجرمين وأفراد يهددون أمنها القومي، ولكن على رغم عمليات التزوير التي حدثت في الجانب السوداني، غير الجانب المصري استراتيجية الدخول إلى أراضيه وفرض شروطاً جديدة، لكنه لم يمنع منعاً تاماً”.

أما عن العالقين عند المعابر السودانية – المصرية، فقال الفاضل إن “من وصلوا إلى المعابر قبل القرار سيدخلون، وهذا ما حدث مع عدد كبير من السودانيين عبروا إلى مصر على رغم دخول القرار حيز التنفيذ”.

أوضاع قاسية

وعلى رغم الأوضاع القاسية التي يمر بها السودانيون نتيجة التكدس عند المعبر الحدودي البري، فإن الجهود ما زالت مستمرة سواء من قبل متطوعين سودانيين أو من قبل الهلال المصري. وقالت الناشطة الطوعية هالة عبدالله، إن “الزحمة ما زالت مستمرة منذ اندلاع الأزمة، ولكن نحن نوفر كل الحاجات للعالقين من أدوية ومياه وأدوات صحية وغيرها، ويتم التعامل بإنسانية كبيرة من الجانب المصري الذي يستقبل المرضى والمسنين بمعالجتهم ميدانياً”.

وعن تأثير القرار في العالقين في المعابر أكدت عبدالله أن “القرار أحبط الجميع ورجع عدد كبير من الذين كانوا ينوون السفر لمصر إلى مدن سودانية مختلفة، والبقية انتظروا قليلاً حتى تأكدوا من أن القرار لا يشملهم وبالطبع عبر المئات قبل تطبيق القرار ووصلوا إلى مصر”.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.