هيثم الفضل يكتب (كرامة) ثورية
عند بدأ إستلام حكومة الثورة لمهامها ، أعلنت مراراً بأن أهم أولويات برنامجها الإنتقالي هو تحقيق السلام الشامل ، ثم معالجة الوضع الإقتصادي المُترَّدي والضائقة المعيشية ، ثم ما تلى ذلك من مسارات إنتقالية أخرى من ضمنها إصلاح المنظومة العدلية ومراجعة بعض القوانين المؤثِّرة على الحريات العامة والحقوق ، فضلاً عن مشروع إزالة التمكين وتفكيك نظام الثلاثين من يونيو ، وكنتُ شخصياً أظُن أن مفهوم الأولويات عند حكومة حمدوك ذو حدود نسبية ، بمعنى أن يكون حائزاً على قدرٍ عالٍ من المرونة تمُكِّنهُ من النشاط والعمل والإنجاز في كافة تلك البنود مُجتمعة وفي آنٍ واحد ، على أن تُعطى الأولوية (القصوى) لعملية السلام ، لكن بدا لي الآن أنهم كانوا يعملون بنظرية (السطر اللي البعدو .. ونقطة وأبدأ صفحة جديدة) ، فالواقع الذي نشهدهُ اليوم بخصوص ما تم إنجازه في موضوع التدهور الإقتصادي والضائقة المعيشية وكذلك برنامج إزالة التمكين وتفكيك النظام البائد ، يُشير إلى أن تلك الملفات كانت مُرجأة أو مؤجَّلة لحين الفراغ أو (الإستفاقة) من (دوامة) مفاوضات السلام التي حملت في محتواها الشكلي والموضوعي على مدى الأشهر الماضية من عُمر الحكومة الإنتقالية كل ما لا يمكن تفادي وصفهُ إلا بالتلكؤ والتراجُع المتواتِر إلى الخلف فيما يرقى ولا يرقى لتعطيل تلك المفاوضات ذات البُعد الإستراتيجي في مشروع بناء السودان الجديد وإستنهاض أسباب التنمية المُستدامة.