إنّهم يُفضِّلونها (مُنتجة)!!.. بقلم داليا الياس

0

يبحث قريبي – الذي كاد يفوته قطر الزواج – عن عروس مُنتجة! لا يعنيه جمالها ولا أدبها ولا إحساسها بالمسؤولية، ولا يتوقّف كثيراً عند شعارات الحُب والتّوافُق والانسجام، فقط يريدها مُنتجة! وقبل أن استرسل وجب توضيح إن مُنتجة هذه يقصد بها عاملة ذات راتبٍ ثابتٍ أو صاحبة (بزنس) وارثة ذات مال وحسب! ويبدو أنّ هذا الشرط الأهم في مُعظم زيجات هذه الأيام، فمُعظم الشباب يبحثون عن شريكة حياة تعينهم على الحياة أو على الأقل تتحمّل مسؤولية الإنفاق على نفسها وربما على بيتها ثم المُؤكّد صرفها على أولادها!!
عليه.. لم تعد «ذوات الخدور» مرغوبات، ولا تصلح صفة «ربة منزل» الآن للتعريف عن أية زوجة، يجب أن تكون مُوظّفة أو مُعلِّمة أو طبيبة أو مُهندسة أو سيدة أعمال أو (دلالية) أو حتى (ست شاي) مُكافحة. المُهم أن تكون مُنتجة ومن أصحاب الدخول المادية الثابتة أو المُتحرِّكة.
وربما كان واقعنا الاقتصادي وضغوط الحياة المُتزايدة في السنوات الأخيرة السبب المُباشر وراء ذلك، حتى أصبحنا نعلم أنّ للزواج جانباً مادياً لم نكن نتوقّف عنده طويلاً، فقد كنا نرى في الزواج رابطاً مُقدّساً تحفُّه المَودّة والرّحمة، غير أنّ خبراء الزواج يُؤكِّدون الآن أنّ مُعظم الخلافات الزوجية سببها المُباشر الأمور المالية أو العلاقة الزوجية الحميمة!!
وربما واحدة من صدمات بعد الزواج تترتّب على أن العروسين كانا قد تبادلا – قبل الزواج – العهود والمواثيق بأن يصبحا كياناً واحداً دُون أن يتطرّقا لوضع الأمور المالية في وحدة ذلك الكيان، لهذا يجب من البداية أن يُوضِّح كل من الطرفين ماهية أوضاعه المادية والتزاماته الأخرى بعيداً عن الشريك وتحديد نسبة المُساهمة التي بإمكانه، لأن ترك الأمر على عواهنه غير محمود العواقب وفيه الكثير من التواكُل والتفاصيل المُعَلّقة.
فإذا كُنت من الذين يبحثون عن زوجة مُنتجة فأرجو أن تضع في اعتبارك أنّ لها التزامات أسرية واجتماعية وشخصية غيرك، وأن تحترم ضرورة أن تبقى لها ذمة مالية مُنفصلة حتى لا تشعر هي أنّك قد تزوّجت «صرّافاً آلياً»، دُون أدنى اعتبار لمشاعرها ورغبتها في الشعور بتمام مسؤوليتك ورعايتك لها.
ويُفضّل دائماً إبرام اتّفاق واضح بين الزوجين على أسلوب واحدٍ ومحددٍ للإنفاق، بغض النظر عن الاختلاف في مُعدّلات الدخل الفردي لكليهما، فالحقيقة المُجرّدة أنّ الحياة باتت تستوجب التّعاوُن والمُشاركة، ولا ضير من مساهمة الزوجة في تسيير أمور حياتهما الزوجية مادياً، فلم يعد الأمر مُستهجناً في مُجتمعنا كما كان، بل أصبح مثار إعجاب وتقدير واحترام، ربما المُشكلة الوحيدة تبقى في أن بعض الأزواج لا يقدرون دعم ومُساندة زوجاتهم، لأنّ الأمور المالية في الأساس شأنٌ رجاليٌّ بدافع القوامة وقوانين الدين والمُجتمع، بمعنى أن تحمُّل الزوجات للكثير من النفقات لم يكن يوماً من شروط الزواج، غير أنّ الظروف فرضته مُؤخّراً، فليس أقل من الاعتراف بذلك وإبداء بعض التقدير والاِمتنان وهو ما تفتقده نساؤنا في بعض رجالنا الذين يُعانون من خللٍ في التعبير.
تلويح:
على أيّامنا هذه.. من تتقاضى أجراً عن الأعمال المنزلية نسمِّيها (شغّالة) أو نتفلسف ونسمِّيها (مديرة المنزل)، ومن تقوم بها مَجّاناً وتُساهم مادياً أيضاً نُسمِّيها (زوجة)

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.