اخبارمقالات الرأي

في ذكرى 11 أبريل: أخطاء الرئيس البشير وحزبه ولجنته الأمنية (4)

متابعات-الحرية نيوز

تلى الفريق أول عوض محمد أحمد أبنعوف بيانه الذي تصمّن قرار اللجنة الأمنية (اقتلاع) النظام والتحفظ على رئيسه واستلامها لمقاليد السلطة في البلاد وهو أمرٌ غير مألوفٍ ولا متعارفٍ عليه وليس له من سوابق استشهاداً بأهل القانون الذين تكون مرجعيتهم أحياناً (سوابق) شبيهة يقاس عليها..

 

 

 

ما تعوّدت القوات المسلحة أن تستقوي بالأجهزة الأمنية الأخرى وهي تتحمّل (أمانة التكليف) في الظروف العصيبة التي تتطلب منها ذلك بل على العكس في ظل حالة الطوارئ تعمل كل الأجهزة النظامية تحت إمرة الجيش الذي يتولى القيادة والسيطرة ويدير المشهد الأمني والعسكري..

 

 

ثم إن اللجنة الأمنية هذه شكّلها الرئيس البشير فك الله أسره للتعامل مع التظاهرات والسيطرة عليها فكيف تكون مقبولة اسماً وفاعلاً في تغيير سياسي ينهي حقبة الإنقاذ؟؟ خلال تلك الفترة العصيبة كانت (الخطوط ساخنة) تنقل محادثات بين الخرطوم وأبوظبي وتلقي (التعليمات) لتنفيذ السيناريو كما رأيناه وإلا فالمنطق يقول بتولي الفريق أول كمال عبد المعروف رئيس أركان القوات المسلحة تلاوة البيان ووضع أبنعوف نائب أول رئيس الجمهورية مع البشير في الإقامة الجبرية ثم حل اللجنة الأمنية وحل الدعم السريع لأنه واجهة عسكرية إنقاذية بحتة..

 

 

 

ولماذا التغاضي عن علاقة الهالك بالبشير وتصريحاته الشهيرة عن إعادة ترشيحه لولاية جديدة وأنهم يدعمون هذا الترشيح ويقفون ضد كل من يقول لا لهذا الترشيح (وأن الدستور ليس قرآناً ويمكن تعديله)؟؟ ما يؤكد ذلك ذهاب الهالك قائد المليشيا (زعلان) بأن هذا ليس تغييراً وبالطبع هذا ليس حديثه ولا هذه (بنات أفكاره) لكنه كان ضمن الجوقة التي تصنع السيناريو ويجب ألا تخرج عن النص المرسوم..

 

 

كانت تلك اللحظات الحاسمة (المفصلية) تحتاج لجنرال خارج دائرة هيئة القيادة حينها واللجنة الأمنية يقلب الطاولة على الجميع ويتسلم زمام الأمور في البلاد وقناعتي ان سيناريو كهذا كان كفيلاً بتجنيب البلاد كثير من الشرور والتحديات والمهددات الأمنية التي ترافقت مع ذهاب البشير ومجئ أبنعوف ثم البرهان

 

 

قبل أن أسترسل سادتي أشير إلى أنني تلقيت عدداً من الاتصالات بعضها مادحاً والبعض الآخر قادحاً وثالثاً (متحفظاً) حيال ما ورد في الحديث السابق عن أبنعوف وأنني قد تحاملت عليه أو لربما حملته جل ما حدث من أمور صاحبت التغيير.. لكن ردي كان بسيطاً تلخّص في أن الغرض من سلسلة هذه المقالات التعرف على الأخطاء القاتلة التي وقعت سواءً من الرئيس البشير أو اللجنة الأمنية أو من حزب المؤتمر الوطني الذي كان مزهواً (بالمجد السياسي) متغافلاً عن المهددات الأمنية الخطيرة التي تحيط بالبلاد.. ربما كان (تشريح) شخصية أبنعوف هو ما أظهر المقال وكأنه شخصنة للقضية ولكن أشهد الله أنه ليس بيني وبين الرجل من موقف شخصي وما أضرني في شيء البتة على الرغم من أن درجة قبوله في أوساط الضباط والصف والجنود بالقوات المسلحة كانت متدنية..

 

لكنه كان من الأخطاء الكبيرة الخطيرة التي عجّلت برحيل الإنقاذ ومن الأسباب الرئيسية لذلك أما الصفات الشخصية التي أوردتها فهي الحقائق التي يجب أن تقال وهي ليست خافية على أحد كما أنها ليست أسرار فلا (قولونه العصبي) سراً ولا (عصبيته) المزاجية سراً ولا اعتكافه بعيداً عن مكتبه (بالأيام) سراً هو الآخر..

 

 

 

لكن ولأن التاريخ لا يرحم فقد كان عليه إن لم يكن بقدر المسؤولية والتحدي الكبير في تولي الأمر والظهور أمام الشاشات أن يعتذر ويخرج من المشهد ولا يذيع بياناً ولا يحزنون وسيكون هذا أوقع وأشرف له.. كل الدلائل والمؤشرات والقراءات للحظات الأولى للتغيير وما تبعه من ذهاب ابنعوف ومجيئ البرهان يقول بأن الأمر كان مرتباً وبالكيفية التي تم بها وليس صدفة..

 

 

 

لكن قبل تفصيل هذا دعوني أنقلكم لزيارة غريبة مريبة قام بها كل من الفريق أول أبنعوف وصلاح قوش للقاهرة لمدة يوم واحد بتاريخ 12 مارس 2019م.. هذا قبيل التغيير بشهر واحد فقط وقد كانت الزيارة محاطة بشيء من السرية في تفاصيلها (الدقيقة) لكنها كانت جزء من ترتيب أمر التغيير (بموافقة) مصرية..

 

 

 

أي حديث بخلاف ذلك لا تسنده حجج وبهذا الفهم فإن أبنعوف وقوش كانا على علم مسبق (وموافقة) على التغيير واعتبرا بأن الأمر (تحت السيطرة) لكن كانت الأذرع الخارجية (أكثر خبثاً).. بمعنى أنهما كانا واثقين (مطمئنين) إلى أن الأمور ستذهب كما خططا ونسقا تماماً لكن عامل الاعتصام الذي سهل أمر وجوده قرب سور القيادة العامة صلاح قوش ذات نفسه تولى توجيه (دفة الأمور)..

 

 

الإصرار على بقاء الاعتصام في مكانه وعدم ذهاب المعتصمين لمنازلهم وقد تحقق لهم ما أرادوا كان تخطيطاً شيوعياً لم يحسب له قوش حساباً.. كان ترتيب صلاح قوش أنه سيبقى بعد ذهاب البشير قريباً من الرئيس الجديد أبنعوف وسيكون مؤثراً في المشهد السياسي ولربما قاد انقلاباً لاحقاً لينفرد بالسلطة سيما وأنه مقبول مصرياً وأمريكياً..

 

 

 

لكن كان لمحور دويلة الشر الإمارات رأي آخر ما تسبب في تراجع سطوة المصريين ونفوذهم وتحكمهم في المشهد من خلال استغلال الاعتصام وتوجيه الأمور لتخرج عن السيطرة تماماً..

 

 

ليس هناك من ترتيب للأحداث يمكن الجزم به ولكن ظهور محمد دحلان وظهور طه عثمان الحسين ومنع الطائرة القطرية من الهبوط واستقالة أبنعوف ليتبعه عمر زين العابدين وجلال الشيخ ومصطفى محمد مصطفي.. كل هذه شواهد تؤكد إمساك دويلة الشر بدفة القيادة لأمر التغيير بعد ذهاب البشير ونائبه الأول وقد تهيأت الدويلة لذلك قبل التغيير بزمن ليس بالقصير من خلال تجنيدها لعدد من العملاء الذين كانوا يخدمونها بكل أوتوا من قوة وسلطان في خيانة عظمى تستوجب المحاكمة الفورية..

 

 

 

دويلة الشر كان مفتاحها الرئيس (الماستر) هو المدعو طه عثمان الحسين أو كما يحلو للبعض (طه الدلاهة) على الرغم من أن هذه الصفة لا تنسجم وما قام به من دور (تخريبي) في البلاد وهو ما يستوجب البحث عن صعوده للمشهد وتحكمه بعدد من الملفات والقضايا الخطيرة.. كان يمسك بكل هذا وأكثر واضعاً (مشط الفندق) في جيبه الأمامي وفرشاة أسنان الفندق ربما في جيبه الخلفي ولا يتورع عن أخذ السيلفي (مع الحسان) في كل مطارات العالم.

 

 

اللواء الركن (م) أسامة محمد أحمد عبد السلام

 

اضغط هنا للانضمام الى مجموعاتنا في واتساب

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى