محمد عبد الله الغامدي محطة ذات أبعاد إنسانية يصعب تجاوزها
همس الحروف
الباقر عبد القيوم علي
الأخ العزيز ، الدبلوماسي الحصيف محمد عبد الله الغامدي على الرغم من أن علاقتي به كانت هي الأحدث حسب التسلسل التاريخي في سجل أصدقائي الذين سعدت بمعرفتهم خلال مسيرة حياتي ، و لي أن أفخر به حيث يعتبر من أميز كوكبة معارفي ، إلا أنها كانت هي الأعمق بما تحويه من قيم إنسانية رفيعة ، فهي ضاربة في الجذور عمقاً ، و الأوسع إمتداً و علواً ، فهي الأكثر إنتشاراً في جوارحي ، و ذلك لأن هذا الرجل إستطاع في فترة وجيزة جداً من تعزيز مكانته في قلوب الناس جميعاً و خصوصاً الذين كانت تربطهم به صلة مباشرة ، فهو شاب عزير ، و غزير المعارف ، مثقف يمتلك ناصية البيان ، و يحمل أسمى القيم ، و يقدس الالتزامات الأخلاقية ، فهو رجل مختلف عن غيره و متفرد في نوعه ، و متنوع في طرائق تفكيره ، فهو صاحب إبداع جمالي عظيم و ألق معرفي جم ، و تواضع و بساطة ، فهو أبو السلوك و التصرف و الحكمة و التعبير عن ما يحيش بخاطره ، فهو من طراز بشري فريد و قديم معتق بالقيم الإنسانية الأصيلة ، و متطلع بإنسانيته ، فهو قنوع كذلك بروحه حيث أنه يحتفظ بأنبل المُثُل العليا التي يحملها البشر ، حيث تجده دائماً بعيد النظر فيما أنجز في يومه ، و باحثاً عن مدلولات جديدة لحياته ، فهو يحمل شيئاً من إرث التاريخ و مصطحباً معه طموح المستقبل ، يملأه الوقار و الحكمة و الصمت فهو قليل الكلام و كثير الإبداع بما يتفوق به على ذاته
سعادة المستشار محمد الغامدي يعتبر من أميز موظفي السلك الدبلوماسي السعودي الذين وضعوا بصمة تميز لبلادهم في بلادي ، و بعيداً عن المزايدات ، فقد إستطاع هذا الرجل الشاب في فترة زمنية قصيرة جداً من نحت إسمه فى قائمة شرف الدبلوماسيين السعوديين المتميزين عن جدارة ، حيث إستطاع أن يستبق الصفوف بمهنيته القحة و بجودة أدائه المتميز كمستشار إعلامي و سياسي حصيف يمارس عمله ملتزماً بأعلى معايير الجودة لتحقيق أنبل الغايات ، و لقد بذل لذلك جهداً و عناية بيقظة وتبصر على الرغم من الظروف الإستثنائية و المعقدة التي كان و ما زال يمر بها السودان
و تمخر بنا سفينة العمر و هي تحملنا فوق أمواج عالية و تقاوم بنا عصف رياح عاتية ، و هكذا تمتضي بنا الأعمار سريعاً فتذيقنا من جميل لحظاتها و مريرها ، و ها هي الأيام تمر في كل الأحوال ، و لا شيء يدوم ، فلكل بداية نهاية ، فكما إستقبلنا سعادة الأخ محمد الغامدي و كوكبة من زملائيه في بيت إشتهرت أركانه بالأصالة و كرم الصيافة الأصيل الذي يصف نبل صاحب البيت سعادة سفير الإنسانية علي بن حسن جعفر ذلك الرجل المتفرد دائماً بحفاوة الإستقبال و الكرم الحاتمي المعتق الممزوج بنبل العطاء ، فقد إجتمعنا في ذات المكان و بنفس التفاصيل بعد عام و نيف لوداعه و كوكبه من زملائه ، صحيح يعز علينا فراقه و لقد آلمنا ذلك و لكن ما يعزينا هو أنه ذاهب إلى وطنه و أهله ليسد موقع آخر في بلده ، فهو أهل لما أختير له ، و لقد تبارى زملاء العمل في الإشادة بما شهدوا له و نحن كذلك من الشاهدين ، كلمة أخيرة قبل الختام أقول لك فيها يا أخي وداعاً تسبقه آيات من الشكر النبيل و الجميل عرفاناً لكم لما بذلتموه من جهد في تقريب أواصر العلاقات بين السودان و المملكة العربية السعودية ، فإني أسأل الله لك و من معك من الإخوة الذين سيغادرونا التوفيق و السداد في أعمالكم و مهمامكم و البركة في أعماركم ، و سأكتب لك بقلمك لا بقلمي كلمة اللّقاء بعد الوداع ، فلن يفارقني صوتك أبداً الذي يتعالى في قلبي ، ويتردّد في مسامعي ، و ستجد كذلك أصداء صوتي تتعالى في مسامعكم ، و سنلتقي بإذن الله إذا قدر الله لنا اللقاء و ستظل ذكراكم العطرة خالدة في ذاكرتنا وخلجات قلوبنا .
و أختم بقول الشاعر
سأظل أذكركم إذا جن الدُجى
أو أشرقت شمس على الأزمان
سأظل أذكر إخوة وأحبة
هم في الفؤاد مشاعل الإيمان
سأظل أذكركم بحجم محبتي
فمحبتي فيض من الوجدان