إمداد مكتبة مشهد الفكر الأحسائي

0

بقلم : د.عبدالله البطيّان
نادي النورس الثقافي

“الإمداد ٢١٧”

الموت في المدينة
للقاص والروائي أ.ناصر بن سالم الجاسم

أصدر نادي نجران الأدبي عن مؤسسة أروقة للدراسات والترجمة والنشر، المجموعة القصصية للأستاذ الجاسم، وهي ضمن المجموعة التي أعتز بها كإهداء وسمت على صدري وأضافت لمكتبة نادي النورس الثقافي، إضافة كما هي إضافة جميلة للمكتبة العربية ومكتبة الملك فهد الوطنية نتفاخر بها، حيث كانت الطبعة الأولى عام ١٤٤٠هـ – ٢٠١٨ م لقياس ١٢*٢١ سم والتي ضمت ٧٦ صفحة في مسار القصص العربية القصيرة، أما الغلاف فهو يظهر داخل سيارة مونتاج لمدينة محطمة وصورة جانبية لجميلة تراقب خلف الزجاج ما يحدث.

حيث فهرست هذه الطبعة دار الرثائق القومية بالقاهرة وهي فهرسة وإعداد إدارة الشئون الفتية، كتب المؤلف في الإهداء : إلى منضدة أفكاري، ورفيقة حزني وأفكاري، وصانعة أدبي…
ناصر الجاسم
٢١ / ٣ / ١٩٩٣ م

هذه المجموعة حملت ستة عشر عنواناً فيما بينهم عنوان المجموعة ابتدأ فاتحة القصص بـ الوصواص، ثم المقايضة، حليب الغضب، روزنامة الأحلام، التنور، حلم المقهى، الأليل، القطر، طفل الحزن، القروح، الطواف، جوع الدواب، عطر الخلود، السدرة، الحناء وختاماً الموت في المدينة.

يقول عن الموت في المدينة:
الله يقبض روح النهار، ويولج الليل والحشرات الليلية الطائرة تصلب على زجاج نافذة سيارتي الأمامي، والمساحات الكهربائية تحاول إزاحة جثثها من على الزجاج، والمصرف المائي الطويل الذي يفصل الأراضي الزراعية إلى نصفين شرقي وغربي يصدر أفواجاً جديدة منها، أشباح الفلاحين المزروعة في الظلام بحزم البرسيم المتوجة رءوسهم هي المؤنس الوحيد في هذه الوحشة.

أعلاه هو ما ظهر في ظهر الغلاف وأخفى عنا جمال التتمة حيث يكمل القصة ويقول:..

نظرت في المرآة الخلفية للسيارتين أستبين شيئاً قد حدث، فرأيت كلباً يعوص في الشارع، أدركت أنني دهسته دون أن أدري، قلت لنفسي: جميل جداً موت الأشياء النجسة، حين دهست الكلب كنت أفكر في نهود تركض وثغر كرزي يحترق شوقاً، وأحلم بأنثى تقبل عيوني وتحضن رأسي، أيقظني من حلمي منظر الفئران والقطط وهي تمرق من تحت عجلات السيارة بطريقة عجيبة، الأنوار الأمامية والخلفية للسيارة علمتني أن حب الحياة لدى هذه الكائنات الصغيرة مثل حب الحياة لدى الإنسان،

سأقف عند هذا المقطع من القصة لن أكمل لأفتعل في ذهنك عزيزي القارئ عنصراً هاماً يعفل عنه القراء وخصوصاً القاصون منهم نظير تبلد مشاعر الكثير منهم عندما يقفون على صورة ترتبط بتكوين جملة نسميها أدبياً (السهل الممتنع) وهو مايعرفه أهل العرف بأن من سهولة أثر الصورة الذهنية للحالة الإنسانية المثارة قلما نجد من يضمنها في نص نتاج أن من البديهيات تعريف المعرفات وهذه اللفتة لعلها محطة وقوف لدي انتهزها لتكون بادرة تأمل لديك أيها القارئ العزيز وتتنبأ لاستشعار إنسانيتك مع كل مكونات الحياة حولك انطلاقاً من البيئة والحيوان والإنسان وكل ما يجمع بينهما من مخلوقات حتى الحشرات ..

هنا دعوة لكي لا نغفل وجودنا مع كل ذلك وأثرنا عليهم، وأثرهم علينا وبساطة الأشياء تقودك للاتقان اللا متناهي فيما نحن فيه ولازلنا من نعمة على الرغم أن هذه المجموعة أمسكت بمفردات عام التسعين الميلادي وهالة أحداث تلك الظروف ليكون الزمكان بين قبضتي قاص مخضرم وضعك لتعيد ما فقدت من حواس سرقتها منك التكنولوجيا ووسائلها الحديثة التي جعلت كل ما حولك اشبه بالروبوت يفقدك الكثير من طبيعتك وطبعك وهذه اللفتة للجانب السلبي الذي هتك بنا لا الإيجابي الذي قدم لنا كل سبل العيش الكريم.

اقتنائك عزيزي القارئ لكتاب ما يقودك لأن تعي كينونتك وتبصر نفسك إلى أين اتجاهك وهذه المجموعة عيناً ستراها سهلة ممتنعة تجانس المتأمل الواعي دون غيره ليستشعر حواسه المفقودة.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.