الهوية وارتباط الكاتب بالمكان

0


د. عبدالله البطيَّان

لطالما توجس الكثير بالزحف الحداثي تجاه الكتابة بأنواعها في بلادنا في الشعر والقصة حتى صرنا نألف النصوص الحداثية الجديدة سواء في غموضها أو استغلاقها على الفهم حيث صرحت اليونسكو بأن الأحساء مشهد ثقافي متجدد في آن ومتطور في آن آخر الدلالة على أن المثقف الأحسائي رقم صعب في التعاطي مع اللغة والشاعرية التي أحدثت مع تراكم المعرفة لديه لتكون فتحًا عالميًا وبشكل استثنائي في التراث الغير مادي الإنساني.

يقول د. منصور إبراهيم الحازمي في كتابه الوهم ومحاور الرؤيا دراسات في أدبنا الحديث صـ ٨٠ ـ :
ويحرص البازعي على تأكيد هذه الهوية الخليجية المحلية، التي سماها – أو سماها على الأصح عبدالله نور 🙁 ثقافة الصحراء). ويقول إن أدب الشباب أو أدب الحداثة يمتلك فعلًا هذه الخصوصية الثقافية إذا ” تفاعل كثير من مبدعينا مع ذلك العالم السديمي الممتد بغموضه و هبته وتقلباته، عالم الرمل الراحل أبدا والصحراء تلجرداء والمطر الشحيح الذي لا يعرف جدولاً ثابتًا، المطر الذي يأتي ولا يأتي”.

هذه الناحية التي أشار لها د. الحازمي يضاف إليها حالة نتقاسم فيها الواحة بمكوناتها وامتداد الشاطئ الذي يمثل الخليج العربي وكذلك الامتزاج الحضاري الذي يعكس التعايش والسلم الأهلي وتلك الطينة التي تعكس طباع أهلها وتؤثر في كل من تداخل فيها أو تعامل معها حتى اشتهر بأن الأحسائي طيب، خلوق، أمين، وجانب كثيرة منها العلم والمعرفة والشعر والثقافة العالية والذوق العالي في الطبخ وأمور كثيرة حتى على مستوى اللهجة واللكنات المتعددة في الأحساء.

يقول أ. محمد الحرز في كتاب القصيدة وتحولات مفهوم الكتابة في مقال الشاعر ومدينته : الأحساء نموذجاً صـ ٧٠ ـ :

ارتباط المثقف أو المبدع بمدينته كما هي عليه الحال في مدينة الأحساء مسألة تبدو لي ملفتة للنظر. مسألة يمكن إخضاعها للتأمل والتحليل كونها من أهم المسائل التي تكشف عن المركبات الشعرية التي من أميز سماتها توطين المشاعر والأحاسيس على تقبل فكرة طهارة الأرض وقدسية ترابها وعراقة تاريخها. هذه الفكرة هاجس قوي يلامس من العمق الذاكرة الجماعية، ويعزز من شأن تدفقها في السلوك الاجتماعي والثقافي والأدب بالدرجة التي تسمح لنا بالقول إلى أنها أصبحت إحدى أهم الصفات التي تحكم الفرد الأحسائي في تفاصيل حياته اليومية.

وبهذا يقول المهندس عبدالله الشايب 🙁 الإسقاط المبكر خير من النقاش المتأخر) هذه الإشارة جعلت الأحسائي نموذج في تشكيل الهوية وارتباطها بالمكان حيث كل عمل متقن وفي منتهى الجمال يوسم بالأحسائي حتى أصبح هناك وسم انطلق هاشتاق بسم المهندس الشايب ابا اليسع بأن الأحساء لاتتثاءب نظير ما يقدم من نتاج محلي وهذا مصداق لما نقل عن محمد الثبيتي حين قال : إن أردت أن تنطلق للعالمية فابدأ بالمحلية.

أصبحت الكتابة لدى الأحسائي سمة تلاحقه يودونها لتكون امتداد حضاري ضخم الطراز – وبراند- عالمي يخدم التراث الإنساني انطلاقًا من مكونات الكتابة وأنساق تحولاتها واللافت هو جرأة الطرح وحسن التعبير ودقة اختيار العنونة وإتقان الاستهلال في بادئة النص وحبك المحتوى والتمهيد للختام وطيب الختام بما يقودك للانبهار عن وعي بهوية ارتبطت بالمكان وقس على ذلك في منهج الكاتب وارتباطه بالمكان دلالة على الوفاء والإخلاص وقوة الإنتماء الذي يولد الأمان النفسي والاطمئنان في التعاطي معه للعمل الإبداعي في شتى نواحيه.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.