الباقر عبدالقيوم يكتب ..تجميد قرار زيادة تعرفة الكهرباء (إنجاز بحجم وطن)… شكراً جزيلاً برطم
همس الحروف
الباقر عبد القيوم علي
نعمة الأحساس بما حولنا تعتبر من أعظم النعم الربانية التى أوجدها الله في كثير من مخلوقاته و خصوصاً البشر ، و من الشواهد التى تؤكد إنسانية الإنسان هي مدى تفاعله مع صيغ الأحداث المتنوعة التي تحيط به مقروءة مع إختلاف درجات الإستجابة لها ، فنجد في بعضنا خلل واضح في أجهزة الإحساس التي تتفاعل مع هذه الأحداث و تشكل نوعاً من عمى الألوان الحسي الّذي يمنعهم من إدراك هذه الحالات ، و لهذا نجد من الصعوبة بمكان أن يعبر هؤلاء عن التدرجات المُختلفة لهذه الأحاسيس المنقولة إليهم او التي حدثت أمامهم و كيفية وقوع مردودها السلبي أو الإيجابي على الناس ، ولكن تختلف درجات الإحساس بها ، و كما تختلف نوعية ردود الأفعال تجاهها كنتيجة طبيعية للإستجابة لها ، فنجد في بعض منهم شيء من بلادة الإحساس ، و هذا الأخير ينتشر بين الكثيرين من الذين يتحكمون في مصير هذا الشعب المكلوم .
قضية الزيادات الجبرية التي فرضتها وزارة المالية على فاتورة الكهرباء دون إخطار مسبق للشعب تعنبر من أهم القضايا المحورية ، و هي ذات أذرع متعددة ستضرب عصب الإنتاج في مقتل و كما ستؤثر على أحوال الشعب المعيشية بصورة سالبة لأن هذه الزيادة سيتم نقلها بصورة مركبة إلى كافة السلع الإستهلاكية المصنعة و المزروعة ، على الرغم من أن ذلك تم وفق خطة إصلاحية كان الهدف منها السعي في إصلاح قطاع صناعة الكهرباء ، إلا أن متخذ هذه القرارات كانت تنقصه الكياسة و الفطنة ، فلم يري بعين فاحصة للأمور ، و التي سيكون لها إرتباطات مع هذا الموضوع ، حيث نظر إليها من الجانب الذي يليه فقط دون أن يدرس إسقاطات هذا القرار على الإقتصاد بصورة كلية ، فخرج قرارهم بصورة مشوهة لم تخضع إلى أي نوع من أنواع دراسة المخاطر و ما ستجلبه هذا التسرع من سخط شعبي كان من الممكن لو لا لطف الله أن يضع الدولة برمتها في خانة ملتهبة يصعب التكهن بمآلات ما سيحدث من جراء ذلك .
لقد خال إلى البعض أن هذا القرار قصد منه إخراج قطاعات بعينها من خارطة الإستثمار الزراعي و الصناعي و حيث بلغ تأثير ذلك مبلغه بالولاية الشمالية لإعتمادهم بصورة مباشرة على التيار الكهربائي في الزراعة ، و كما تنقصهم المقدرة المالية للإستمرار ، إلا أن هذا الأمر لم يقصد به ولاية بعينها كما روجت الأسافير لذلك ، حيث أن نفس الأثار التي ترتبت على مزارعي الشمال هي ذات التي ترتبت على بقية مزارعي ولايات و مدن السودان المختلفة ، و لكن الصادم في الأمر و كان مؤسفاً للغاية ما ورد من وصف لإحتجاجات الشمال على لسان السيد وزير المالية الذي عرف عنه التعقل و عدم التسرع و ضبط اللسان ، إلا أن عبارة (دوشة) كان لها مبلغها من الأثر السلبي الذي تركته في نفوس أهل الشمال ، إلا أنني قد حسبتها سقطة لسان و لا يقصد من ورائها شيئاً .
*الإعلام غير الرسمي تناول تداعيات هذه القضية بصورة مهنية ، و قد قام بدق ناقوس الخطر ، حيث أوضح للرأي العام و للمسوؤلين تأثيرات هذه الزيادة غير المنطقية على الأوضاع السياسية والاقتصادية والأمنية ، فضلًا عن انعكاساتها السالبة على القطاع الزراعي ، الصناعي و التجاري و الخدمي ، فلم تكن هنالك إستجابة واضحة بحجم ما سينتج من كارثة كان يتوقع حدوثها من جراء هذا القرار الأعور الذي لم يحالف فيه الصواب من قام بإتخاذه ، فكانت درجات الإستجابة بصورة سلحفائية جداً تجاه كل الأصوات التي ناهضت هذا القرار ، إلا أن سعادة عضو مجلس السيادة الانتقالي أبو القاسم برطم ، لم يهدأ له بال و كما لم يغمض له جفن منذ اليوم الأول لهذا القرار ، و خصوصاً بعد خروج إنسان الشمال مطالباً بحقه في إلغاء هذا القرار ، حيث خاض حرباً ضروساً مع اللجنة التي كانت مكلفة بمراجعة زيادة تعرفة الكهرباء ، و قد إستطاع أن ينتزع منهم قراراً بتجميد هذه الزيادة التي فرضتها وزارة المالية على تعرفة الكهرباء .. إن ما قام به سيادة عضوء مجلس السيادة برطم يعتبر إنجاز بحجم هذا الوطن ، و إن لم ينجز بعد ذلك شيئاً غير هذا الإنجاز في بقية مدته بهذا المنصب لكفاه أن يكون إنجازاً سيسطره له التأريخ في صفحاته .. فشكراً جزيلاً نبيلاً يليق بمقامكم (سيد برطم) .