هل أصابت لجنة إزالة التمكين مؤسسة الثورة الوحيدة؛ أمراض الخدمة المدنية؟

0

تنفست هياكل الخدمة العامة؛ وأرخت أعصابها عمليات التفكيك التي تقوم بها لجنة إزالة التمكين للترهل الضخم الذي تركه النظام البائد، في وظائف مهمة وحساسة في جميع مؤسسات وهياكل الدولة، ولم تنجُ أي وزارة ولجنة وعُهدة من سيف اللجنة الذي تغوص به في برك الماء “الآسن”، لتعديل أحوال طالما ارتبطت عند المواطنين بالرهق؛ بسبب الانتظار الطويل وعدم تنفيذ القرارات، واستئصال كل أمراض الخدمة العامة، ومع ذلك فإن ثمة خروقات باتت تجهض قرارات لجنة إزالة التمكين نفسها في عمليتها البادئة، بعدم تنفيذ قرارات تبدو نافذة بتصورات الشارع والوجدان الثوري ولا تقبل التأجيل او التراجع.

تسمح لجنة إزالة التمكين بدعاوى التنسيق مع الوزير المختص بالإبقاء على موظفين أنهت خدمتهم في معتمدية اللاجئين، وحسب التفاهمات بين اللجنة والوزير تكون هنالك مرحلة انتقال في أحد أكثر المؤسسات التي مثلت حاضنة للنظام البائد، وبالتالي بؤرة من بؤر الفساد والتجاوزات المالية والإدارية، صحيح قد لاتبدو لجنة التفكيك مكترثة إزاء تلك التفاهمات وتأثيرها على صورتها الزاهية وسط المواطنين، لكنها تعيد للأذهان الضعف الملازم لكل مؤسسات الدولة في اتخاذ القرار، على الرغم من أن لجنة التفكيك هي المؤسسة الوحيدة التي تكونت عقب ثورة ديسمبر او بالأحرى هي من مؤسسات الثورة التي يجب البناء عليها حتى لا تصيبها أمراض الخدمة المدنية المتعلقة بإضعاف قرارات الدولة بعدم المتابعة والتنفيذ الفوري لها.

إن ما حدث من قِبل وزير الداخلية بالإبقاء على موظفين أنهت خدمتهم لجنة التفكيك، وعلى رأسهم المعتمد المكلف إبراهيم عبد الله ونائبه محمد ياسين؛ فتح المجال أمام التساؤلات، وفيما يتحجج وزير الداخلية في إبقائه على الموظفين بإزالة تشوهات في هياكل المعتمدة؛ خاصة في الوظائف، لكن المعتمد المكلف المنتهية خدمته عاد ليزيد من حدة ذلك التشوه بعمليات تشويه جديدة، حيث استصدر قرارات بترقيات استثنائية وخارج مظلة القانون ولوائح الخدمة العامة ومفوضية اللاجئين، وانخرط في عمليات “تمكين” جديدة، للجيل الثاني والثالث من الوحدات الجهادية ومنسوبي الأجهزة الأمنية ومنسوبين لقوى الحرية والتغيير ووظيفة عليا سخرها لابنته داخل معتمدية اللاجئين، ومنذ إنهاء خدمته قبل شهرين؛ ما يزال معتمد اللاجئين المكلف يستصدر قراراً تلو الآخر، في تحدِ سافر لقرار لجنة التفكيك، وممارسة ربما تدفع ثمنها اللجنة في مقبل الأيام عندما تواجهها مؤسسات أخرى بعدم تنفيذ قراراتها بعلمها دون إبداء أي اعتراض أو شرح وتوضيح للرأي العام، “لماذا سمحت بالإبقاء على موظفي معتمدية اللاجئين..؟”

وبما أن قرارات معتمد اللاجئين المكلف قد صدرت عقب إنهاء خدمته من قبل لجنة إزالة التمكين، وجاءت قرارات ترقية موظفين على أساس سياسي؛ حصلت “اليوم التالي” على نسخة منها؛ مثلما هو لمنسوب قوى الحرية والتغيير منتصر فيصل؛ الذي نال ترقية للدرجة (E) وكذلك لمظفر الفحل منسوب كتائب الدبابين الذي نال نفس الدرجة الوظيفية فإن تلك القرارات باطلة وقابلة للطعن، حيث إن هنالك موظفين بمؤهلات في المعتمدية لم ينالوا تلك الترقية رغم خدمتهم التي استمرت لعقدين من الزمان، بينما معظم من تمت ترقيتهم لم تتجاوز خدمته السنتين او الثلاث، ومكافأة من جانب مديرة إدارة عينها المعتمد المكلف قامت بترقية “إبنته” لوظيفة مسؤولة الصحة، رغم أنها وظيفة عليا ويجب تعيين أصحاب التخصصات الطبية فيها، صحيح قد لا يهتم وزير الداخلية بعواقب تلك القرارات والإبقاء على عناصر النظام البائد ممن وجد فيهم ضالته، وكونه قد وصل لمنصبه دون عناء، ونال ترقيات هو الآخر استثنائية لا تتواءم مع تأهيله المتواضع، لكن لجنة التفكيك ذات سيرة ناصعة ومؤسسة ثورية يجب أن لا تستمر في الولوغ في أخطاء بسبب مجاملة او تنسيق مع وزير الداخلية؛ وإلا ستصبح مثالاً جديداً لمؤسسات الخدمة العامة التي تحاول إصلاحها بعمليات إزالة التمكين.

إن نزول لجنة التفكيك عند رغبة وزير الداخلية، وقبول حجته بالإبقاء على عناصر النظام البائد لهيكلة معتمدية اللاجئين، تبدو حجة غير مبررة إن لم تكن مضحكة، فكيف يمكن الوثوق فيمن كانوا سبباً في دمار المؤسسة بإصلاحها “فاقد الشيء لايعطيه”، وسيخصم من رصيد لجنة التفكيك بما لا يمكن تضميد جراحها، وسيرسم صورة مغايرة لتلك التي يضعها لها الشارع من حيث بهاء سيرتها، وانتظار فعالياتها، والوقوف الدائم والمستمر لجمهور الثورة مع أي قرار تتخذه، وبالمقابل الوقوف ضد أي من يحاول أن ينال من اللجنة وعلى رأسهم عناصر النظام البائد، إن على لجنة التفكيك تنفيذ قرارها رقم “551” القاضي بإنهاء عشرة من منسوبي النظام البائد بينهم قادة في أجهزة أمنية ومدير لمكتب مساعد الرئيس المخلوع، وأعضاء في نقابات النظام البائد، حيث إن إنهاء خدمتهم تم على ذلك الأساس، ويجب على اللجنة أن تدرك أن تنفيذ قراراتها ليس من أجل اللجنة وحدها؛ بل من صلب الثورة التي عينتها.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.