الطاهر ساتي يكتب : لماذا التعتيم

0

ما حدث ببعض مناطق الخرطوم وسنجة وطوكر – ومناطق أخرى – يستدعي إعلان الطوارئ وتشكيل غرف عمليات مركزية، ومخاطبة المنظمات الإقليمية والدولية لإنقاذ حياة الناس من الهلاك المرتقب.. نعم تأثرت كل ولايات السودان بالأمطار والسيول والفيضان، ولكن آثار السيول بأطراف الخرطوم وسنجة وطوكر – ومناطق أخرى – هي الأخطر حالياً، والسُلطات المركزية لم تستشعر هذا الخطر بعد، ويبدو أن عدم إحساس الحكومة المركزية بما يحدث في الولايات (مرض وراثي)..!!

:: تجاهل المخاطر قد يُسبب المزيد منها ليبكوا ويتباكوا بعد (خراب مالطا).. والشاهد أن تأثير السيول والأمطار على الناس ظهر – منذ أسابيع – خراباً ودماراً، ولكن كما لم يكن هناك تحسب لكوارث، فلا توجد شفافية أيضاً في عرض الكوارث.. فالتعتيم ليس حلاً، وأداء الفضائية القومية دون مستوى الكوارث.. إذ كثيرة هي مناطق السودان المنكوبة بالسيول والأمطار منذ أسابيع، ولكن يبدو أن السادة المسؤولين – وإعلامهم – يشغلهم فصل الدين عن الدولة بإثيوبيا وقسمة السلطة والثروة بجنوب السودان، وليس دموع الأسر التي فقدت ممتلكاتها وبعض أفرادها.. !!:: ويوم الخميس الفائت، أعلنوا حالات وفيات بمحلية الدندر، وعن المناطق المتأثرة بالسيول والفيضان وعن آلاف المنازل التي جرفتها السيول والفيضان، ومع ذلك فضائية السودان آخر من يعلم.. فالوضع كارثي، ليس فقط بسنجة وطوكر، بل بمناطق كثيرة، ومنها جنوب الخرطوم، حيث يتوسد الأهل الثرى ويتلحفون بالثريا..!!تعريف الكارثة هو أي حدث مأساوي يخلف خسائر بشرية أو مادية، وليس بالضرورة أن تكون هناك خسائر بشرية ليسمى الحدث المأساوي بالكارثة ..!!:: فالخسائر المادية تكفي لوصف الحدث بـ(الكارثة)، وناهيكم عن موتى تحت الأنقاض.. ثم أن أجهزة الدولة – التي تتعامل مع الكوارث – هي الكارثة الكبرى.. إصلاح هذه الأجهزة كان بحاجة إلى كثير جهد من الحكومة، وكان على السادة أن يكونوا على قدر التحدي والأمل في خريف هذا العام، ولكن يبدو أن أكبر همهم – ومبلغ علمهم – هو فقط قسمة كراسي السلطة فيما بينهم.. و ليس في أمرهم عجب، فالعلم الذي عرَّف الكارثة بالحدث المأساوي، لم يغفل عن تصنيفها.. أي كما هناك كوارث طبيعية (السيول والفيضان)، هناك أيضاً كوارث من صنع الإنسان، ومنها العجز والفشل..!!:: والمهم.. قبل أن يرتفع حجم الخسائر ويتجاوز ما هو مطلوب لسد الحاجة من الغذاء والكساء والدواء، يجب إعلان الطوارئ.. فالخريف لم يبلغ منتهاه، والنيل لا يزال يفيض، ولا تزال أجهزة الرصد تحذِّر.. ولذلك، على السلطات المركزية عدم إلتزام الصمت ومتابعة التشرد والغرق – من التلفاز – كأي مواطن أجنبي ..لا شئ يمنع إعلان الطوارئ المركزية تحسباً، ثم التدخل السريع – عبر المنظمات الوطنية وغيرها – في حماية الناس وإنقاذ ما يمكن إنقاذه.. إعلان الطوارئ، بحيث يتحمل بعض الشعب مسؤولية إغاثة البعض الآخر، أفضل من الصراخ والاستجداء بعد المزيد من الجوع والمرض..!!
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.